للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)]

قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:٣٢].

((ذَلِكَ)) أي: ما ذكره الله من اجتناب الأوثان، وقول الزور، وما حرم الله من الأنعام، وما ذكر من مناسك الحج كاملة، ((ذَلِكَ)) يحصل ويجب أن يكون، وأن يتمسك به المسلم، وترتب عنه: ((وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) والشعائر: جمع شعيرة ويدخل فيها كل أنواع العبادات؛ شعائر الصلاة والحج، ويأتي بعض الملاحدة والمرتدين أيام الحج ليشاهدوا المسلمين، فيرى الناس حاسري الرءوس، يلبسون هذه الإحرامات ويهرولون حول الكعبة، وبين الصفا والمروة، ويجلسون في عرفات، وينامون على أرض مزدلفة، فيسخرون من هذه الشعيرة العظيمة، وقد يقول بعض ضلالهم ومن ذهب الله بنورهم: هذه عبادة للكعبة.

وهؤلاء الحمر المستنفرة التي فرت من قسورة، لم يشعروا بأنفسهم عندما عبدوا الشيطان، وعبدوا اليهودية والنصرانية، وعبدوا ماركس اليهودي، وعبدوا كل قذارة ووساخة في الأرض، وتركوا كتاب الله وراءهم ظهرياً، وعملوا بطاعة هؤلاء، وجدوا في إرضائهم، ثم يقال: إن أمثال هؤلاء لهم حضارة، وأنهم تقدميون وتكنولوجيون!! وهكذا ترى بعض الناس وقد مسخه الله، فالصورة صورة إنسان، والفكر والعقل عقل قرد وفكر قرد، قال تعالى: {تَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} [الأعراف:١٩٨].

وقال تعالى: {إِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:٤٦]، فهذا الذي يحاول أن يسخر من شعيرة من شعائر الدين والإسلام كمن يسخر بالعمامة أو باللحية، أومن يسخر بالزي الإسلامي، يعتبر مرتداً حلال الدم كذلك، وقد نص على هذا جميع فقهائنا بجميع مذاهبهم: أن من قال: الإسلام انتهى ولا ينبغي أن نرجع إلى قبل ١٤٠٠ عام، فنقطع الأيدي، ونصلب الأشخاص، ونقطع اليد والرجل من خلاف، ونجلد الرجل الطويل العريض، وما هي إلا أشياء خاصة؛ ما دخلنا في شربه للخمر، وما دخلنا لزناه، وهكذا هؤلاء يشتمون الإسلام، ويمتهنون كرامته، ولا يعظمون حرمات الله ولا شعائره: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} [المنافقون:٤]، وقد لعنهم الله.

{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} [الحج:٣٢]، الآية من آيات الحج وفي سورة الحج، أطلقها الكثيرون وهي مطلقة بدرجة الأولى على مناسك الحج وشعائره، ولكنها تعم الكل.