للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ليجزيهم الله أحسن ما عملوا)]

قال تعالى: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:٣٨].

يتركون التجارة والبيع والشراء، ويؤدون الصلاة، ويزكون ومع ذلك يخافون، فمن رحمة الله ومجازاته لهم أن يغفر ذنوبهم، ويرفع درجاتهم، ويرحمهم بالجنة، قال تعالى: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} [النور:٣٨] أي: يجازيهم على حسناتهم ويغفر لهم سيئاتهم جل جلاله، {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:٣٨]، أي: يجعل الحسنة عشراً، والعشر يضاعفها أضعافاً مضاعفة، فيجازيهم على العمل القليل بالجزاء الكثير، والحسنة بعشر أمثالها ويضاعفها سبحانه إلى ما يشاء، فعطاء الله كثير فهو يعطي بغير حساب جل جلاله.

قال تعالى: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور:٣٨] ولا حصر للضعف ولا حصر للأجر والثواب، فقد يجازي على الحسنة أضعافاً مضاعفة، وقد يجازي على كلمة يوم القيامة بدخول الجنان ولم يقل سواها، وحديث البطاقة معروف، وذلك أن رجلاً يأتي يوم القيامة ليحاسب، وإذا به لا يجد حسنات فتوزن أعماله فتطيش كفة الحسنات وتثقل كفة السيئات، فيؤمر به إلى النار، وبينما الملائكة تأخذه إلى النار إذ يقول الله جل جلاله: (ردوه لا ظلم اليوم، فيؤتى ببطاقة، ويقول الله لملائكته: ضعوها في ميزانه، فيقول: ماذا عسى أن تكون هذه البطاقة مع كثرة ذنوبي وآثامي؟! وإذا بهذه البطاقة توضع في الكفة الطائشة فتثقل للأرض وتطيش كفة السيئات)، وهذه البطاقة كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: فيها لا إله إلا الله، ولذلك يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (من مات وهو يقول: لا إله إلا الله دخل الجنة)، ومن مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة، ومعنى ذلك أنه قد يدخل الجنة دون أن يدخل النار، ويغفر الله له ذنوبه كصاحب هذه البطاقة، وقد يعذب على ذنوبه بما شاء الله، ولكن العبرة بالخواتيم، أي: الخروج من النار والدخول للجنة.

قال تعالى: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور:٣٨] هذا جزاء المؤمنين الصالحين، من أنار الله أقوالهم وأعمالهم وقلوبهم، أنارها الله بالقرآن والإسلام والهداية الإلهية وبدين محمد صلى الله عليه وسلم، هؤلاء الذين أنار الله قلوبهم فعمروا بيوته ذاكرين ومصلين ومزكين ووجلين ألا تقبل أعمالهم، جزاؤهم من الله أضعاف مضاعفة من الحسنات، قال تعالى: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور:٣٨].