قال هذا إبراهيم وزاد:{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا}[مريم:٤٨] أي: سأبتعد عن مجتمعاتكم، وكان إبراهيم في العراق فهجرهم إلى الشام إلى الأرض المقدسة، وهي التي سماها النبي عليه الصلاة والسلام وهاجر إبراهيم، وقال: ستكون هجرة بعد هجرة، أي: هجرة أخرى في مستقبل الأيام بعد الهجرة الأولى من مكة إلى المدينة.
فقوله:(وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) أي: سأعتزلك يا أبي، وأعتزل أمثالك ممن يعبدون الأصنام والأوثان، (وَأَدْعُو رَبِّي) أي: يعبد ربه ويدعو لعبادة ربه، فتكون حياته قاصرة على هذا؛ امتثالاً لطاعة الله سبحانه.
وهكذا وظيفة الأنبياء ووظيفة الورثة من العلماء: أن تكون حياتهم كلها دعوة إلى الله، وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: من الجهاد باللسان والقلم إلى الجهاد بالسيف.
قال تعالى:{عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا}[مريم:٤٨] عسى في القرآن تحقيق، وفي غير القرآن ترج، يقول إبراهيم: عسى أن يتحقق من ربي ألا أكون بالدعوة لعبادته شقياً أو مشركاً أو عاصياً.