للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله تعالى: (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه)]

قال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} [الكهف:٢٩].

عندما لم يجد أهل النار مخرجاً ولا منفذاً ولا مهرباً، أخذوا يستغيثون أي: يطلبون الغوث، صاحوا في الملائكة: أغيثونا؛ فقد اشتد عطشهم، واشتدت آلامهم، واشتد جوعهم.

قال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف:٢٩]، أعاذنا الله منها، وأبعدنا عنها، وثبتنا على عبادته وتوحيده، والموت على دينه.

فالحبس محيط بهم من كل جانب فاستغاثوا وطلبوا الغوث والرحمة، وقد أصابهم العطش، ((وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ))، طلبوا الماء، فاحترقت منهم الأجواف، {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف:٢٩]، والمهل هو الصديد والدم والقيح، وهو سائل ثقيل كعكر الزيت.

أراد ابن مسعود أن يمثل هذا المهل، فجاء بذهب ووضعه تحت النار إلى أن ذاب وأخذ يقطره، وهو ينزل ثقيلاً قطرة قطرة، قال: هكذا المهل، ماء ثقيل يشربون ولا يغيثهم، بل إذا دخل أجوافهم، مزق أمعاءهم، وزادها حرقة، وآلاماً ووجعاً، وهو ماء ثقيل من ماء الصديد، من الدم، من القيح، من كل أنواع من البلاء، مضاف إلى أنه كالنار بل أشد، فهو نار، فيشربونه بهذه الحالة، فيشوي الوجوه لمجرد قربه إلى الوجه، يشوي ويزيل فروة الوجه، نسأل الله اللطف والسلامة، فكيف به إذا دخلت جوفه ودخلت أمعاءه.