للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من يباح الأكل في بيوتهم بلا استئذان]

ثم قال تعالى: {وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ} [النور:٦١] فكل هؤلاء معلومون، ولا نزال نستعمل نفس التعبير الأب أب، والأم أم، والخالة خالة، والعمة عمه، والخال خال، والعم عم، وهؤلاء الذين هم أقاربك من أبيك أو من أمك بيوتهم كبيتك، فلك كل الحق أن تدخل بيوتهم، وجدتهم أو لم تجدهم، فتضع يدك على طعامهم وعلى شرابهم، وتدخل معك من شئت من صديق وقريب، سواء أكان مريضاً أم صحيحاً، فهذا حق جعله الله تعالى لأفراد الأسرة بعضها لبعض، وكما يكون يوماً هو حقاً لي فإنه يكون يوماً آخر حقاً لأقاربي، فيدخلون بيوتي وأدخل بيوتهم، والممتنع من ذلك لئيم خسيس، ومع ذلك يجبر على أن يدخل أقاربه بيته؛ لأن الله هو الذي فتح ذلك بإذن وبلا إذن.

فجعل الأب والأم والأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة، دخولنا لبيوتهم ودخلوهم لبيوتنا حاضرين وغائبين إذ هم محارم مباح، فنأكل طعامهم ويأكلون طعامنا، بإذن وبغير إذن، وندخل من شئنا من الأصدقاء أصحاء ومرضى.

ثم زاد الله وقال: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} [النور:٦١] المفاتح للمخازن، فلا يكون المفتاح إلا وهناك شيء مخزون، فلو أن هناك خادماً قريباً لي أو صديقاً وغبت عن البلد فأعطيته مفاتح البيت، وفيه مؤن وطعام، فله الحق بإعطاء الله له أن يأكل ويشرب بما لا يضر ولا يخرج من البيت، فلك أن تأكل وتشرب دون أن تملئ الجيوب وتخرج الطعام معك، فهذا لم يأذن الله به، ولم يذكره الله فيما يجوز؛ لما فيه من الإيذاء لأعضاء الأسرة، أما إذا أراد الإنسان ذلك من تلقاء نفسه فهذا كلام آخر لا علاقة له بالآية، وإلا فالأصل: أن من أعطي المفاتيح فما في البيت أمانة وضمانة عنده، ويتصرف في البيت طعاماً وشراباً بما يكفيه دون أن يخرج من البيت شيئاً، وله أن يأتي بصديق لكن بالمعروف، فلا يأتي بخمسين شخصاً، ونحو ذلك.

فلو جاءني ضيف ولم يجد عندي في البيت شيئاً، أو لم يجد ربة البيت فآخذه لأخي أو لعمي أو لخالي، ولا مانع من ذلك.

ثم قال تعالى: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور:٦١] كذلك الصديق، أي: يجوز للصديق أن يأكل في بيت صديقه، بإذن وبلا إذن، وأن تأتي معك أيضاً بصديق آخر إن شئت.

هذا من آداب الأسرة وآداب العشرة وآداب الزيارة وآداب الضيافة وآداب الأكل والشراب بين أعضاء الأسرة بعضهم مع بعض.