للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في دخوله إليه وأكرمه واحترمه، وكان من أكبر الفرنج وعقلائهم، وكان يعرف بالعربية وعنده اطلاع على شيء من التواريخ والاحاديث، وكان حسن التأتي لما حضر بين يدي السلطان وأكل معه الطعام، ثم خلا به وذكر أنه مملوكه وتحت طاعته، وأنه يسلم إليه المكان من غير تعب، واشترط أن يعطى موضعاً يسكنه بدمشق فإنه بعد ذلك لا يقدر على مساكنة الفرنج، وإقطاعاً يقوم به وبأهله، وشروطاً غير ذلك، فأجابه إلى ذلك.

وفي أثناء شهر ربيع الاول وصله الخبر بتسليم الشوبك، وكان السلطان قد أقام عليه جمعاً يحاصرونه مدة سنة كاملة إلى أن نفذ زاد من كان فيه، فسلموه بالأمان.

ثم ظهر للسلطان بعد ذلك أن جميع ما قاله صاحب الشقيف كان خديعة، فرسم عليه.

ثم بلغه أن الفرنج قصدوا عكا، ونزلوا عليها يوم الإثنين ثالث عشر رجب سنة خمس وثمانين. وفي ذلك اليوم سير صاحب الشقيف إلى دمشق بعد الإهانة الشديدة.

وأتى عكا، ودخلها بغتة لتقوى قلوب من بها، وسير استدعى العساكر من كل ناحية فجاءته، وكان العدو بمقدار ألفي فارس وثلاثين ألف راجل، ثم تكاثر الفرنج واستفحل أمرهم وأحاطوا بعكا، ومنعوا من يدخل إليها ويخرج، وذلك يوم الخميس سلخ رجب، فضاق صدر السلطان لذلك، ثم اجتهد في فتح الطريق إليها لتستمر السابلة بالميرة والنجدة، وشاور الامراء فاتفقوا على مضايقة العدو لينفتح الطريق، ففعلوا ذلك، وانفتح الطريق وسلكه المسلمون، ودخل السلطان عكا فأشرف على أمورها، ثم جرى بين الفريقين مناوشات في عدة أيام، وتأخر الناس إلى تل العياضية، وهو مشرف على عكا. وهي هذه المنزلة توفي الأمير حسام الدين طمان - المقدم ذكره في هذه الترجمة - وذلك في ليلة نصف شعبان من سنة خمس وثمانين وخمسمائة، وكان من الشجعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>