للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن شيخنا ابن شداد ذكر بعد هذا وقعات ليس لنا غرض في ذكرها، وتطول هذه الترجمة باستيفاء الكلام فيها، إذ ليس الغرض سوى المقاصد لا غير، وإنما ذكرت فتوحات هذه الحصون لأن الحاجة قد تدعو إلى الوقوف على تواريخها، مع أني لم أذكر إلا ما يكثر التطلع إلى الوقوف عليه وأضربت إن الباقي.

قال ابن شداد (١) : سمعت السلطان ينشد وقد قيل له: أن الوخم قد عظم بمرج عكا وإن الموت قد فشا في الطائفتين:

اقتلاني ومالكا ... واقتلا مالكا معي يريد بذلك أن قد رضي أن يتلف إذا أتلف الله أعداءه.

قلت: وهذا البيت له سبب يحتاج إلى شرح، وذلك أن مالك بن الحارث المعروف بالأشتر النخعي، كان من الشجعان والأبطال المشهورين، وهو من خواص أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، تماسك في يوم وقعة الجمل المشهورة وهو وعبد الله بن الزبير بن العوام، وكان أيضاً من الأبطال، وابن الزبير يومئذ مع خالته عائشة أم المؤمنين وطلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين، وكانوا يحاربون علياً رضي الله عنه، فلما تماسكا صار كل واحد منهما إذا قوي على صاحبه جعله تحته وركب صدره، وفعلا ذلك مراراً، وابن الزبير ينشد:

اقتلاني ومالكا ... واقتلا مالكا معي يريد الأشتر النخعي، هذه خلاصة القول في ذلك وإن كانت القصة طويلة، وهي في التواريخ مبسوطة.

وقال عبد الله بن الزبير: لاقيت الأشتر النخعي يوم الجمل. فما ضربته ضربة حتى ضربني ستاً أو سبعاً، ثم أخذ برجلي فألقاني في الخندق وقال:


(١) السيرة: ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>