ج: الثالث من أقسام الخيار: خيار الغَبْن بسكون الباء، مصدر غبنه من باب: ضربَ: إذا خدعه، والمراد غبن يخرج عن العادة؛ لأنه لم يرد الشرع بتحديده، فرجع فيه إلى العرف، كالقبض والحرز؛ فإن لم يخرج عن العادة، فلا فسخ؛ لأنه يتسامح به. وقيل: يقدر بالثلث، اختاره أبو بكر، وجزم به في «الإرشاد»؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الثلث والثلث كثير» والذي يترجح عندي القول الأول. والله أعلم.
ويثبت خيار غبن في ثلاث صور: أحَدُها: إذا تلقى الركبان، وهم جمع راكب، وهو في الأصل راكب البعير، ثم اتسع فيه، فأطلق على كل راكب، والمراد بهم هنا القادمون من السفر بِجَلُوبَةٍ، وهي ما يجلب للبيع، وإن كانوا مشاة؛ لما ورد عن أبي هريرة قال:«نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتلقى الجلب» الحديث رواه الجماعة إلا البخاري. فمن تلقاهم عند قربهم من البلد، فباعهم شيئًا، فهو كمن اشترى منهم قبل العلم بالسعر، وغبنهم غبنًا يخرجون عن العادة؛ لحديث أبي هريرة قال:«نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتلقى الجلب؛ فإن تلقاه إنسان، فابتاعه، فصاحب السلعة فيها بالخيار إذا ورد السوق» رواه الجماعة إلا البخاري.
والتلقي: قيل: إنه مكروه، وقيل: محرم، وهذا أولى؛ لحديث أبي هريرة المتقدم؛ ولما ورد عن ابن مسعود قال: