للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٢ - فصل في حرم المدينة

س ٢٣٨: تكلم عن حرم المدينة وعمَّا يجوز أخذه وعن صيدها وحشيتها؟ وبيَّن حدود حرمها، وعن مقدار ما جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - حِمًى؟

ج: يحرم صيد حرم المدينة، وتسمى طابةَ وَطيْبَةَ، قال حسان:

بِطَيْبَةِ رَسمٌ للرسول ومعهدُ … مُنيرٌ وقد تَعْفوا الرسوم وتْهمُد

وإن صاده وذبحه صَحَّتْ تذكيتَه، ويحرم قطع شجرها وحشيشها؛ لما روى أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها» متفق عليه.

ولمسلم لا يختلي، فَمن فعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ويجوز أخذ ما تدعو الحاجة إليه من شجرها للرحل أي رَحل البعير وهو أصغر من القتب وعوارضه وآلة الحرث ونحوه والعارضة لسقف المحمل، والمساند من القائمتين اللتين تنصب البكرة عليهما والعارضة بين القائمتين ونحو ذلك؛ لما روى جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حرّم المدينة، قالوا: يا رسول الله، إنا أصحاب عمل وأصحاب نضح، وإنا لا نستطيع أرضًا غَيْرَ أرضنا فرخص لنا، فقال: «القائمتان والوسادة والعارضة والمسند؛ فأما غير ذلك فلا يعضد» رواه أحمد. فاستثنى الشارع ذلك وجعله مباحًا، والمسند عود البكرة.

ويجوز أخذ ما تدعو الحاجة إليه من حشيشها للعلف؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عليّ: «ولا يصلح أن يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره» رواه أبو داود؛ ولأن المدينة يقرب منها شجر وزرع، فلو منعنا من احتشاشها أفضى إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>