للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الحُسْنَى}. ولو كان فرضًا على الجميع ما وعد تاركه الحسنى، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً}؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يبعث السرايا، ويقيم هو وأصحابه؛ ولأنه لو فرض على الأعيان لاشتغل الناس به عن العمارة، وطلب المعاش والعلم فيؤدي إلى خراب الأرض، وهلاك الخلق، وتأتي المواضع التي يكون فيها الجهاد فرض إن شاء الله.

* * *

[س ٢٤: ما معنى الكفاية في الجهاد؟ ما حكمه في حق غيرهم؟ وهل هنا عبارة توضح فرض الكفاية؟ واذكر لذلك بعض الأمثلة.]

ج: معنى الكفاية في الجهاد أن ينهض قوم يكفون في قتالهم إما أن يكون جندًا لهم دواوين من أجل ذلك، أو يكونوا أعدوا أنفسهم له تبرعًا؛ بحيث إذا قصدهم العدو حصلت المنعة بهم، ويكون في الثغور من يدفع عنها. ويبعث في كل سنة جيشًا يغيرون على العدو في بلادهم.

ويُسن الجهاد في حق غير الكافين بتأكد؛ لحديث أبي داود عن أنس مرفوعًا: «ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال لا إله إلا الله، لا نكفره بذنب، ولا نخرجه عن الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله حتى يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار» رواه أبو داود.

وفرض الكفاية هو ما قصد حصوله من غير شخص معين؛ فإن لم يوجد إلا واحدًا تعين عليه كرد السلام، والصلاة على الجنازة من المسلمين.

ومن ذلك الصنائع المباحة المحتاج إليها لمصالح الناس غالبًا الدينية والدنيوية، البدنية والمالية، كالزرع والغرس، ونحوهما؛ لأن أمر المعاد والمعاش، لا ينتظم إلا بذلك؛ فإذا أقام بذلك أهله بنية التقرب، كان طاعة، وإلا فلا.

ومن ذلك إقامة الدعوة إلى دين الإسلام ودفع الشبه بالحجة، والسيف لمن عاند؛ لقوله تعالى: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>