للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم يقبل أحد منهم أن يتأمر عليهم دفعوا عن أنفسهم؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ولا يقيمون في أرض العدو إلا مع أمير يقيمونه أو يبعثه الإمام إليهم.

* * *

[س ٣٤: تكلم عن فرار المسلمين من الكفار، وماذا يصنع من ألقي في مركبهم نار؟]

ج: لا يحل لمسلم أن يهرب من كافرين، ويحرم فرار جماعة من مثليهم؛ لقوله تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ} وهذا أمر بلفظ الخبر؛ لأنه لو كان خبرًا بمعناه لم يكن تخفيفًا، ولوقع الخبر بخلاف المخبر، والأمر يقتضي الوجوب.

وقال ابن عباس: من فر من اثنين فقد فر، ومن فر من ثلاثة فما فر، ويلزمهم الثبات إن ظنوا التلف؛ لقوله تعالى: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} ولأنه - صلى الله عليه وسلم - عد الفرار من الكبائر، ففي «الصحيحين» عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجتنبوا السبع الموبقات»، قيل: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات».

ومن قصد بفراره التحيز إلى فئة، أو التحرف للقتال أبيح له؛ لأن الله تعالى قال: {إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ} ينضم إليهم ليقاتل.

ومعنى التحرف للقتال أن ينحاز إلى موضع يكون القتال فيه أمكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>