واختلف في العلة التي لأجلها حرم الربا في هذه الأصناف الستة، فالأشهر عن الإمام وعامة الأصحاب أن علة الربا في النقدين كونهما موزوني جنس، وفي الأعيان الباقية كونها مكيلات جنس، فيجري الربا في كل مكيل أو موزون بجنسه مطوعًا، كان أو غير مطعوم، وبذلك قال أبو حنيفة؛ لحديث عبادة المتقدم؛ ولحديث أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلاً على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، فقال:«أكل تمر خيبر هكذا؟» قال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، فقال:«لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا»، وقال:«في الميزان مثل ذلك» متفق عليه.
قال في «شرح المنتقى» على الحديث: وقال المصنف -رحمه الله-: وهو حجة في جريان الربا في الموزونات كلها؛ لأن قوله:«في الميزان»، أي: في الموزون، وإلا فنفس الميزان ليست من أموال الربا. انتهى. وقد ترجم البيهقي لحديث أبي سعيد: باب من قال بجريان الربا في كل ما يُكال ويُوزن، وفي كتاب «رحمة الأمة»: الأعيان المنصوص على تحريم الربا فيها بالإجماع ستة، هي: الذهب والفضة، والبر والشعير، والتمر والملح، فالذهب والفضة يحرم فيها الربا عند الشافعي بعلة واحدة لازمة، وهي أنهما من جنس الأثمان، وقال أبو حنيفة: العلة فيهما جنس موزون، فيحرم الربا في سائر الموزونات؛ وأما الأربعة الباقية، ففي علتها