فلا يصح سلم في مكيل وزنًا، أو في موزون كيلاً؛ لحديث:«من أسلف في شيء، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» متفق عليه؛ ولأنه مبيع يشترط معرفة قدره، فلم يجز بغير ما هو مقدر به في الأصل، كبيع الربويات بعضها ببعض؛ ولأن قدره بغير ما هو مقدر به في الأصل، فلم يجز. واختاره أكثر الأصحاب، قال الزركشي: هو المشهور والمختار للعامة، وممن قال به: القاضي وابن أبي موسى، وجزم بن ناظم «المفردات»، فقال:
وفي المكيل لا يصح السلم … وزنًا ولا بالعكس نصًا فاعلموا
وعنه: يصح، اختاره الموفق والشارح وابن عبدوس وصاحب «الوجيز» والشيخ تقي الدين وابن القيم، وبه قال الثلاثة، وعليه العمل في هذا الزمن وقبله؛ لأن الغرض معرفة قدره وإمكان تسليمه من غير تنازع، فبأي شيء قدر قدره جاز. وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم.
ولا يصح السلم في المذروع إلا بالذرع، ولابد أن يكون المكيال
ونحوه، كالصنجة والذراع معلومًا عند العامة؛ لأنه إذا كان مجهولاً تعذر الاستيفاء به عند التلف، وذلك مخل بالحكمة التي اشترط معرفة القدر لأجلها؛ فإن شرط مكيالاً بعينه، أو ميزانًا بعينه أو ذراعًا
بعينه، أو صنجة بعينها غير معلومات، أو أسلم في مثل هذا