للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابة، فيكون في محلها، ومحلها بعد وجوب الحق؛ ولأن في الآية ما يدل على ذلك، وهو قوله:

{إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] فجعله مذكورًا بعدها بفاء التعقيب؛ ولأنه دين ثابت تدعو الحاجة إلى الوثيقة به، فجاز أخذها كالضمان، ولا يجوز قبل الحق، فيقول: رهنتك عبدي هذا بعشرة تقرضنيها. اختار هذا القول أبو بكر والقاضي، وذكر القاضي أن أحمد نص عليه في رواية ابن منصور، وهو مذهب الشافعي؛ لأنه وثيقة بحق، فلم يجز قبل ثبوته، ولأنه تابع لحق، فلا يسبقه، كالثمن لا يتقدم المبيع، بخلاف الضمان، والفرق أن الضمان التزام مال تبرعًا بالقول، فجاز في غير حق ثابت كالنذر، واختار أبو الخطاب أنه يصح، فإذا قال: رهنتك ثوبي هذا بعشرة تقرضنيها غدًا، وسلمه إليه، ثم أقرضه الدراهم؛ لزمه الرهن، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك؛ لأنه وثيقة بالحق، فجاز عقدها قبل وجوبه كالضمان، أو فجاز انعقادها على شيء يحدث في المستقبل، كضمان الدرك، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم.

الثالث: كونه ممن يصح بيعه وتبرعه؛ لأنه نوع تصرف في المال، فلم يصح إلا من جائز التصرف كالبيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>