للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي يا رسول الله، فصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأنه دين ثابت، فصح ضمانه، ودليل ثبوته أنه لو تبرع رجل بقضاء دينه، جاز لصاحب الحق اقتضاؤه؛ ولو ضمنه حيًا ثم مات، لم يبرأ منه الضامن، ولو برئت ذمة المضمون عنه برئت ذمة الضامن، وفي هذا انفصال عما ذكروه. قاله في «الشرح» وبهذا قال أكثر العلماء، وقال أبو حنيفة: لا يصح ضمن دين الميت، إلا أن يُخَلِّف وفاء؛ فإن خلف بعض الوفاء، صح ضمانه بقدر ما خلف؛ لأنه دين ساقط فلم يصح ضمانه، كما لو سقط بالإبراء؛ ولأن ذمته قد خربت خرابًا لا يعمر بعد، فلم يبق فيه دين، والضمان ضم ذمة إلى ذمة، ولا تبرأ ذمة الميت قبل قضاء دينه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل أبا قتادة عن الدينارين اللذين ضمنهما، فقال: قد قضيتهما، فقال: «الآن بردت عليه جلدته» رواه أحمد. ولأنه وثيقة بدين أشبه الرهن، وكالحي. والرواية الثانية: أنه يبرأ بمجرد الضمان؛ لما روى أبو سعيد - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة، فلما وضعت قال: «هل على صاحبكم من دين؟» قالوا: درهمان، فقال: «صلوا على صاحبكم»، فقال عَليٌّ: هما عَليَّ يا رسول الله، وأنا لهما ضامن، فقام فصلى عليه، ثم أقبل على عَليٍ، فقال: «جزاك الله عن الإسلام خيرًا، وفكَ رهانَك كما فككت

<<  <  ج: ص:  >  >>