أو يأتيه بجميل، فقال: كم تستنظره؟ قال: شهرًا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فأنا أحمل» رواه أبو داود والترمذي وغيرهما. ومعنى قوله:«جميل» أي: كفيل، وقوله:«أحمل» أي: أكفل. وفيه: فقضاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدل على صحة الكفالة؛ ولعموم حديث:«الزعيم غارم» ولدعاء الحاجة إلى الاستيثاق بضمان المال والبدن، وكثير من الناس يمتنع من ضمان المال، فلو لم تجز الكفالة لأدى إلى الحرج وتعطل المعاملات المحتاج إليها.
وتنعقد الكفالة بلفظ ينعقد به ضمان؛ لأنها نوع منه، فانعقدت بما ينعقد به، فيؤخذ به صحتها ممن يصح منه الضمان، وصحتها ببدن من يصح ضمانه، وإن ضمن رشيد معرفته أخذ به، فلو جاء إنسان يستدين من آخر، فقال: أنا لا أعرفك، فلا أعطيك، فضمن آخر معرفته لمن يريد أن يداينه، فداينه، وغاب مستدين أو توارى، أخذ ضامن المعرفة به، كأنه قال: ضمنت لك حضوره متى أردت، لأنك لا تعرفه، ولا يمكنك إحضار من لا تعرفه، فهو كقوله: كفلت ببدنه، فيطالبه به؛ فإن عجز عن إحضاره مع حياته، لزمه ما عليه لمن ضمن معرفته له، ولا يكفي أن يعرف رب المال اسمه ومكانه. وقال الشيخ تقي الدين في «شرح المحرر»: ضمان المعرفة معناه: إني أعرفك من هو وأين هو، وفي «الغاية». ومن ضمن معرفة