للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضربه إلى أن يوفي أو حبسه ولو أنكر غريمه إعساره؛ فإن عقوبة المعذور شرعًا ظلم وإن لم يتبيّن له من حاله شيء أخّره حتى يتبين له حاله وإن ادّعى المدين العسرة ولم يصدقه ربُّ الدين ودينه عن عوض كثمن مبيع وبدل قرض أو عرف له مال سابق، والغالب بقاؤه أو كان دينه عن غير عوض مالي كمهر وعوض خلع وأرش جناية وضمان وقيمة متلف ونفقة زوجة، وكان المدين أقرّ أنه مليء حبس؛ لأن الأصل بقاء المال ومؤاخذة له بإقراره إلا أن يقيم المدين بيّنة بإعساره ويعتبر في البينة الشاهدة بإعْسَارِهِ وأن تخبر باطن حاله؛ لأن الإعسار من الأحوال الباطنة التي لا يطلع عليها في الغالب إلا المخالط، وهذه الشهادة وإن كانت تتضمن النفي فهي تثبت حالة تظهر وتقف عليها المشاهدة وهي العسرة بخلاف ما لو شهدت أنه لا حق له؛ فإنه مما لا يوقف عليه ولا يحلف المدين مع البينة الشاهدة بإعساره لما فيه من تكذيب البيّنة أو أن يدعي تلفًا لما له أو نفاد ماله في نفقة أو غيرها ويقيم بيّنة بالتلف ونحوه ولا يعتبر فيها أن تخبر حاله؛ لأن التلف يطلع عليه مَن خَبَرَ بَاطن حاله وغيره ويحلف المدين مع البيّنة الشاهدة بتلف ماله ونحوه إن طلب رب الحق يمينه؛ لأن اليمين على أمر محتمل غير ما شهدت به البينة، والفرق أن بينة المعسر إن شهدت بنحو تلف حلف معها ولم يعتبر فيها خبرة الباطن، وإن شهدت بعسرة اعتبر فيها خبرة الباطن ولم يحلف معها ويكتفي في الشهادة بعسرته اثنين كالنكاح والرجعة ويكفي في الإعسار أن تشهد به، وفي التلف أن تشهد به فلا يعتبر الجمع بينهما وتسمع بينة الإعسار والتلف ونحوه قَبْل حبْسٍ كما تُسمع بَعد الحبس؛ لأن كل بيّنة جاز سماعها بعد مدة جاز سماعها في الحال وإن سأل مدع حاكمًا تفتيش مدين مُدعيًا أن المال معه لزمه إجابته، أو إلا أن يسأل مدين سؤال مدع عن حاله ويصدقه مدع على عسرته فلا يحبس في المسائل الثلاث.

<<  <  ج: ص:  >  >>