للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوه فلا رجوع؛ لأنه لم يجد عين ماله بخلاف خلط بر بحمص فلا أثر له. قال في «الإنصاف»: قال الزركشي، وقد يقال: ينبني على الوجهين في أن الخلط هل هو بمنزلة الإتلاف أم لا؟ ولا نسلم أنه لم يجد عين ماله، بل وجده حكمًا. انتهى.

قلت: الصحيح من المذهب أن الخلط ليس بإتلاف وإنما هو اشتراك على ما يأتي بكلام المصنف في باب الغصب في قوله: وإن خلط المغصوب بماله على وجه لا يتميز. اهـ. (٥/ ٢٩٠).

وقال مالك: يأخذ زيته، وقال الشافعي: إن خلط بمثله أو دونه لم يسقط الرجوع، وله أن يأخذ متاعه بالكيل أو الوزن، وإن خلطه بأجود، ففيه قولان: أحدهما: يسقط حقه من العين، قال الشافعي: وبه أقول، واحتجوا بأن عين ماله موجودة من طريق الحكم فكان له الرجوع، كما لو كانت منفردة؛ ولأنه ليس فيه أكثر من اختلاط ماله بغيره فلم يمنع الرجوع كما لو اشترى ثوبًا فصبغه أو سويقًا ففته. اهـ من «المغني» (٥/ ٥٢٧). وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم.

وإن اشترى حنطة فطحنها أو زرعها أو دقيقًا فخبزه أو زيتًا فعمله صابونًا أو ثوبًا فقطعه قميصًا أو غزلًا فنسجه ثوبًا أو خشبًا فنجره أبوابًا أو شريطًا فعمله إبرًا أو شيئًا فعمل به ما أزال اسمه سقط حق الرجوع، وقال الشافعي: فيه قولان: أحدهما - وبه أقول: يأخذ عين ماله ويعطي قيمة عمل المفلس فيها؛ لأن عين ماله موجودة وإنما تغير اسمها فأشبه ما لو كان المبيع حملًا فصار كبشًا أو وديًا فصار نخلًا، وهذا القول هو الذي يترجح عندي؛ لأنه وجد عين ماله. والله أعلم.

وإن كان حبًا فصار زرعًا أو زرعًا فصار حبًا أو نوى فنبت شجرًا أو بيضًا فصار فراخًا سقط حق الرجوع، وقيل: لا يسقط وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي المنصوص عليه منهما؛ لأن الزرْعَ نفس الحَب والفرخ نفس البيضة، وهذا القول أيضًا هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>