على معاذ باع ماله في دَينه وقسم ثمنه بين غرمائه، وكان شابًا سخيًا، وكان لا يمسك شيئًا فلم يمسك شيئًا فلم يزل يُدان حتى أغرق ماله كله في الدين، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلَّمه ليُكلم غُرماءهُ، فكلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأبوا، فباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماله كله في الدين حتى قام معاذ بغير شيء ويستحب إحضار المفلس عند بيع ماله ليضبط الثمن، ولأنه أعرف بالجيد من متاعه فيتكلم عليه، ولأنه أطيب لنفسه ووكيله كهو، ولا يشترط استئذانه؛ لأنه محجور عليه يحتاج إلى قضاء دينه فجاز بيع ماله بغير إذن كالسفيه.
ويستحب للحاكم أن يحضر الغرماء؛ لأنه لهم وربما رغبوا في شيء فزادوا في ثمنه وأطيب لقلوبهم وأبعد عن التهمة، وربما يجد أحدهم عين ماله فيأخذها، وإن باعه من غير حضورهم كلهم جاز ويأمر الحاكِمُ المفلَّسَ والغرماءَ أن يقيموا مناديًا ينادي على المتاع؛ لأنه مصلحة؛ فإن تراضوا بثقة أمضاه الحاكم، وإن تراضوا بغير ثقة ردّه بخلاف المرهون إذا أنفق الراهن والمرتهن على غير ثقة لم يكن له ردّه والفرق أن للحاكم هنا نظرًا؛ إنه قد يظهر غريم آخر وإن اختار المفلس رجلًا ينادي واختار الغرماء آخر أقر الحاكم الثقة من الرجلين؛ فإن كان ثقتين قدّم الحاكم المتطوع منهما؛ لأنه أحظ؛ فإن كانا متطوعين ضم الحاكم أحدهما إلى الآخر جمعًا بين الحقين وإن كان يجعل قُدِمَ أوثُقهُما وأعرفُهُمَا؛ لأنه أنفعُ؛ فإن تساويا في ذلك قدّم الحاكم من يرى منهما؛ لأنه مرجح لأحدهما على الآخر، ويجب على الحاكم أو أمينه أني ترك للمفلس من ماله ما تدعو إليه حاجته من مسكن وخادم صالحين لمثله؛ لأن ذلك مما لا غنى له عنه، فلم يبع في دينه كلباسه وقوته قاعدة المسكن والخادم والمركب المحتاج إليه ليس بغنى فاضل يمنع أخذ الزكاة ولا يجب به الحج والكفارات ولا يوفي منه الديون والنفقات، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد، قال: