أو حفظه، وقولهم: أن الفاسق غير رشيد قلنا هو غير رشيد في دينه؛ أما في ماله وحفظه فهو رشيد ثم هو منتقض بالكافر؛ فإنه غير رشيد في دينه ولا يحجر عليه لذلك، ولا يلزم من منع قبول القول من منع دفع ماله إليه؛ فإن من عرف بكثرة الغلط والنسيان أو من يأكل في السوق ويمد رجليه في مجمع الناس لا تقبل شهادتهم وتدفع أموالهم إليهم ولا يدفع إلى المحجور ماله قبل رشده ولو صار شيخًا لما تقدم ولا يدفع إليه حتى يختبر ويمتحن بما يليق به ويعلم رشده؛ لقوله تعالى:{وَابْتَلُوا اليَتَامَى} الآية فوجب اختباره بتفويض التصرف إليه وهو يختلف؛ فإن كان من أولاد التجار وهم من يبيع ويشتري لطلب الربح فإيناس الرشد منه بأن يتكرر البيع والشراء منه فلا يغبن غالبًا غبنًا فاحشًا وأن يحفظ ما في يده من صرفه فيما لا فائدة فيه كالقمار والغناء وشراء المحرمات كالخمر وآلات اللهو بجميع أنواعها من بكمات وسينمات وتلفزيونات ودخان ومذياع ومجلات خليعة وصور وآلات تصوير والورق وبذله في القمار أو في استئجار أنواع الملاهي وحظورها وسائر أنواع المعاصي؛ لأن العرف يَعُد مَن صرف ماله في ذلك سفيهًا مسرفًا مبذرًا، وقد يُعدّ الشخص سفيهًا لصرفه ماله في المباح، ففي الحرام أولى وأحرى.
وقال الشيخ تقي الدين: الإسراف ما صرفه في المحرمات أو كان صرفه في المباح يضر بعياله أو كان وحده ولم يثق بإيمانه أو أسرف في مباح قدرًا زائدًا على المصلحة. انتهى. والتبذير: تفريق المال كما يفرق البذر كيفما كان من غير تعمد لمواقعه، وهو الإسراف المذموم لمجاوزته للحد المستحسن شرعًا في الإنفاق وهو الإنفاق في غير الحق.
قال الشافعي: التبذير إنفاق المال في غير حقه ولا تبذير في عمل الخير، وقال بعضهم: الفرق بين الإسراف والتبذير أن الإسراف صرف الشيء فيما ينبغي زائد على ما ينبغي والتبذير صرف الشيء فيما لا ينبغي، والسفه والتبذير