للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تبطل الوكالة بتعدَّ كلبس الثوب وركوب الدابة ونحوهما؛ لأن الوكالة إذن في التصريح مع إستئمان، فإذا زال أحدهما لم يزل الآخر ويضمن الوكيل ما تعدّى فيه أو فرط ولا يزول الضمان عن عين ما وقع فيه التعدي بحال ثم إن تصرّف كما مر صح تصرفه لبقاء الإذن وبرئ بقبضه العوض، فإذا تلف بيده بلا تعدّ ولا تفريط لم يضمنه؛ لأنه لم يتعد فيه. قال في «شرح المنتهى»: قوله بقبضه العوض ليس قيدًا في براءته، بل يبرأ بمجرد تسليم العين وإذا قبض العوض لم يكن مضمونًا عليه وإن كان بدلًا عن ما هو مضمونًا عليه لما تقدم. اهـ.

ولا تبطل الوكالة بجحود الوكيل أو الموكل الوكالة؛ لأنه يدل على رفع الإذن السابق كما لو أنكر زوجية امرأة، ثم قامت بها البينة؛ فإنه لا يكون طلاقًا، وينعزل وكيل بموت موكله وبعزله إياه ولو لم يعلم. قال في «الفروع»: اختاره الأكثر، وذكر شيخنا أنه أشهر، قال في «الإنصاف»: وهو المذهب والرواية الثانية لا ينعزل قبل علمه بموت الموكّل أو عزله؛ لما فيه من الضرر المترتب على ذلك؛ فإنه ربما باع جارية ووطئها المشتري أو غير ذلك. وقيل: ينعزل بالموت قبل بلوغه لا بالعزل حتى يبلغه ذكر الشيخ تقي الدين. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وينبني على الروايتين تضمينه وعدمه، قال الشيخ: لا يضمن مُطلقًا، قال في «الإنصاف»: وهو الصواب بكل لفظ دل على العزل كقول الموكّل فسخت الوكالة أو أبطلتها أو نقضتها، أو قوله: صرفتك عنها، وينعزل الوكيل بنهي الموكل له عن فعل ما أمره به ولو لم يبلغه، كما ينعزل شريك ومضارب بعزل أو موت شريكه ولو لم يبلغه. والشركة والمضاربة كالوكالة خلافًا ومذهبًا، ويضمن الوكيل إن تصرف بعد العزل أو الموت لبطلان الوكالة إلا فيما يأتي في باب العفو عن القصاص من أن الوكيل في الاستيفاء لو اقتص ولم يعلم بعفو موكله لا ضمان عليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>