للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوكالة ممَّنْ عِلَم ظُلم مُوكله في الخصومة.

وفي كلام القاضي لا يجوز لأحد أن يخاصم عن غيره في إثبات حب أو نفيه وهو غير عالم بحقيقة أمره، وإذا قال لوكيله: اقبض حقي اليوم أو يوم كذا، ونحوه لم يملك فعل ما وكل فيه اليوم غدًا؛ لأن الإذن لم يتناوله، ولأنه قد يؤثر التصرف زمن الحاجة، فالوكالة تقيدت بزمن معين، ولهذا لما عين الله لعبادته وقتًا لم يجز تأخيرها عنه، وإنما صح فعلها قضاء؛ لأن الذمة لما اشتغلت كان الفعل مطلوب القضاء، وإن قال لوكيله: اقبض حقي من فلان ملك قبض حقه من فلان ومن وكيله لقيامه مقامه فيجري مجرى إقباضه ولا يملك قبضه من وارثه؛ أنه لم يؤثر به ولا يقتضيه العرف. لا يقال: الوارث قائم مقام المورّث فهو كالوكيل؛ لأن الوكيل إذا دفع بإذنه جرى مجرى تسليمه وليس الوارث كذلك؛ فإن الحق انتقل إليه واستحقت المطالبة عليه لا بطريق النيابة عن المورّث، ولهذا لو حلف لا يفعل شيئًا حنث بفعل وكيله دون مورثه، وقيل: ينظر؛ فإن تبين من مراده أنه وكّله على استحصال حقه بقطع النظر عمن يقبض منه، فلا شك أنه يملك قبضه من وارثه كما يملك قبضه من وكيل زيد وإن صرح أن قصده أن يقبض من زيد فقط، وأنه لا يرغب قبضه من وارثه، فهذا لا يملكه إلا بإذن ظاهر؛ لأنه قد يرى بقاء الحق عندهم دونه، وهذا التفصيل هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. إن قال له: اقبض حقي الذي قبل زيد مثلًا أو الذي عليه ملك قبضه منه ومن وكيله ومن وارثه لاقتضاء الوكالة قبضه مطلقًا فشمل القبض من وارثه؛ لأنه حقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>