للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قال لآخر: وكلتني أن أتزوج لك فلانة على كذا، ففعلتُ، تزوجتها لك، وصدٌّت فُلانة مُدَّعي الوكالة، وأنكر الآخر، وهو المدعى عليه الوكالة، فقوله بلا يمين؛ لأنهما اختلفا في أصل الوكالة فقبل قول المنكر؛ لأن الأصل عدمها ولم يثبت أنه أمين له حتى يقبل، قال في «الشرح»: فأما إن ادعت المرأة فينبغي أن يستحلف؛ لأنها تدعي الصداق في ذمته، فإذا حلف لم يلزمه الصداق ولم يلزم الوكيل منه شيء؛ لأن دعوى المرأة على الموكّل وحقوق العقد لا تتعلق بالوكيل وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم.

ثم إن تزوجها الموكّل بعقد جديد، أقر العقد وإن لم يتزوجها لزمه تطليقها لاحتمال كذبه في إنكاره ولا ضرر عليه، ويحرم نكاحها غيره قبل طلاقها؛ لأنها معترفة أنها زوجته فتؤخذ بإقرارها، وإنكاره ليس بطلاق وإذا صدقت الوكيل واعترفت بالإصابة لزمها الإعتداد إذا طلقها، ولا يلزم وكيلًا شيء للمرأة من مهر ولا غيره؛ لأن حقوق العقد إنما تتعلق بالموكل؛ لكن إن ضمن الوكيل المهر رجعت إليه بنصف المهر؛ لأنه ضمنه عن الموكل وهو معترف بأنه في ذمته، وإن مات من تزوج له مدعي الوكالة لم ترث المرأة إن لم يكن صدق على الوكالة أو ورثته إلا أن قامت بها بيّنة، ويصح التوكيل بلا جعل؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- وكّل أنيسًا في إقامة الحد وعروة بن الجعد في الشراء، بل جعل، ويصح التوكيل بجعل معلوم كدرهم أو دينار أو ثوب صفته كذا بأيام معلومة بأن يوكله عشرة أيام كل يوم بدرهم أو يعطيه من الألف مثلًا شيئًا معلومًا كعشرة؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- كان يبعث عماله لقبض الصدقات ويعطيهم عليها؛ ولأن التوكيل تصرّف للغير لا يلزمه فعله فجاز أخذ الجعل عليه كرد الآبق، ولا يصح التوكيل بجعل مجهول لفساد العوض، ويصح تصرف الوكيل بعموم الإذن في التصرف وللوكيل حينئذ أجرة مثله؛ لأنه عمل بعوض لم يسلم له، وإن عين موكل ثيابًا معينة

<<  <  ج: ص:  >  >>