للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يأذن ولم يكن على الأول ضررٌ؛ فإن كان فيه ضررٌ على الأول ولم يأذن مثل أن يكون المال الثاني كثيرًا يستوعبُ زمانه فيشغلهُ عن التجارة في المال الأول أو يكون المالُ الأولُ كثيرًا متى اشتغلَ عنه بغيره انقطع عن بعض تصرفاته، فقيل: ليس له ذلك؛ لأن المضاربة على الحظ والنماء، فإذا فعل ما يمنعه لم يجز كما لو أراد التصرف بالعين، وفارق ما لا ضرر فيه فعلى هذا إن فعل وربح رد الربح في شركة الأول وليقتسمانه فينظر ما ربح في المضاربة الثانية فيدفع إلى رب المال منه نصيبه ويأخذ المضارب نصيبه من الربح فيضمه إلى ربح المضاربة الأولى ويقاسمه لرب المضاربة الأولى؛ لأنه استحق حصته من الربح بالمنفعة التي استحقت بالعقد الأول، فكان بينهما كربح المال الأول.

وقال أكثر الفقهاء: يجوز؛ لأنه عقد لا يملك به منافعه كلها فلم يمنع من المضاربة، كما لو لم يكن فيه ضرر وكالأجير المشترك، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم.

ولا يصح لرب المال الشراء من مال المضاربة لنفسه؛ لأنه ملكه كشرائه مِن وكيله وعبده المأذون وفارق المكاتب؛ فإن السيد لا يملك ما في يده ولا تجب عليه زكاته، وله أخذ ما فيه شفعة منه، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، وهو قول الشافعي، وقيل: يصح وهو رواية عن أحمد، وبه قال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة؛ لأنه قد تعلق به حق المضارب فجاز شراؤه كما لو اشترى من مكاتبه، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم.

وإن اشترى شريك نصيب شريكه صحَّ؛ لأنه مُلكُ غيره أشبه ما لو لم يكن بائعهُ شريكًا وإن اشترى الجميع حصته وحصة شريكه صحَّ الشراء في نصيب شريكه بناءً على تفريق الصفقة؛ وأما في نصيبه، فقيل: يبطلُ؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>