لأنه -عليه الصلاة والسلام- لم يزل يعامل أهل خيبر حتى مات ثم عمل به الخلفاء بعده ثم من بعدهم، فكيف يتصور نهيه -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك! بل هو محمول على ما رواه البخاري عنه قال:«تكرى الأرض بالناحية منها تسمى لسيد الأرض، فربما يصاب ذلك وتسلم الأرض، وربما تصاب الأرض ويسلم ذلك، فنهانا» فأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ، وروي تفسيره أيضًا بشيء غير هذا من أنواع الفساد وهو مضطرب أيضًا. قال الإمامُ رافعُ يروي عنه في هذا ضروب كأنه يريد أن اختلاف الروايات عنه يوهن حديثه، وقال طاوس: إن أعلمهم -يعني ابن عباس- أخبرني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينهه عنه؛ ولكن قال:«لأنْ يَمْنَحَ أحدُكم أخاه أرضًا خيرٌ من أن يأخذ عليها خراجًا معلومًا» متفق عليه؛ وأما المساقاة على ما ليس له ثمر مأكول كالصفصاف، ويقال: له الخلاف، وذكر ابن قتيبة في كتاب «عيون الأخبار»: أن الخلاف شجر سقط ثمره قبل تمامه، وهو الصفصاف.
والسَّرر والوِرد ونحوها، فَقيل: لا تصح عليه؛ لأنه ليس منصوصًا عليه ولا في معنى المنصوص عليه؛ ولأن المساقاة إنما تجوز بجزء من الثمرة، وهذا لا ثمرة له، وقيل: تصح المساقاة على ماله ورق يقصد كتوت أو له زهر يقصد كورد وياسمين ونحوه إجراء للورق والزهر مجرى الثمرة، قالوا: وعلى قياس ماله ورقٌ أو زهر يُقْصَد وشجرٌ له خشبٌ يُقْصَدُ كَحَوَرِ وصَفْصَافٍ، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم.