للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصابه أذى من حية ونحوها؛ وأما كون البذر من رب الأرض، فقيل: يشترط؛ لأنه عقد يشترط للعامل ورب المال في نمائه فوجب كون رأس المال كله من عند أحدهما كالمساقاة والمضاربة، وقيل: لا يشترط كون البذر من رب الأرض، اختاره الموفق والمجد والشارح وابن رزين وأبو محمد يوسف الجوزي، والشيخ ابن القيم، وصاحب «الفائق» و «الحاوي الصغير»، وعليه عمل الناس؛ لأن الأصل المعول عيه قضية خيبر في المزارعة ولم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن البذر على المسلمين، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم.

وإذا شرك رب المال لعامل نصف هذا النوع أو الجنس من ثمر أو زر وربع النوع أو الجنس الآخر وجهل قدر النوعين بأن جهلاهما أو جهل أحدهما لم يصح؛ لأن قد يكون أكثر ما في البستان من النوع المشروط فيه الربع وأقله من الآخر، وقد يكون بالعكس، وإن شرط إن سقَى سَيْحًا فله الربع، وإن سقى بكُلفة فله النصف، أو إن زرعها شعيرًا فله الربع، وإن زرعها حنطة فله النصف، فقيل: لم يصح لجهالة العمل والنصيب، وقيل: يصح، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم.

وإن قال: ما زرعتها من شيء فلي نصفه، صح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساقى أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر أو جعل له في المزارعة ثل الحنطة ونصف الشعير وثلثي الباقلا، وبيَّنا قدر ما يزرع من كل واحد من هذه الأنواع؛ إما بتقدير البذر أو تقدير المكان وتعيينه مثل أن يقول نزرع هذا المكان قمحًا وهذا شعيرًا أو تزرع مدين حنطة ومدى شعير جاز؛ لأن كل واحد من هذه طريق إلى العلم، فاكتفى به، وإذا قال: لك الخمسان إن لزمتك خسارة وإلا فالربع، لم يصح نصًا، وقال: هذا شرطان في شرط، وكرهه، والذي أرى أنه مثل ما إذا قال: إن سقى سيحًا فله كذا، أو إن سقى بكلفة

<<  <  ج: ص:  >  >>