والأصل في جوازها الكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ووجه الدلالة منه أنَّ آتوهن أجورهن أمر، والأمر للوجوب، والإرضاع بلا عقد تبرع لا يوجب أجرة وإنما
يوجبها القد فتعين الحمل عليه، أي آتوهن أجورهن إذا أرضعن لكم بعقد، وقال تعالى:{وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}، وقال تعالى:{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ} وروى ابن ماجه في «سننه» عن عتبة بن المنذر، قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ (طسم) حتى إذا بلغ قصة موسى قال: «إن موسى -عليه السلام- آجر نفسه ثماني حجج أو عشرًا على عفة فرجه وطعام بطنه». وقال تعالى:{فَوَجَدَا فِيهَا جِداَراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً}.
وأما السُّنة: فعن عائشة في حديث الهجرة، قالت:«واستأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلًا من بني الدَّيل هاديًا خريتًا، والخريتُ: الماهر بالهداية، وهو على دين كفار قريش، وأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث، فارتحلا» رواه البخاري وأحمد، وعن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم»، فقال أصحابه: وأنت. قال:«نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» رواه أحمد والبخاري، وعن سويد بن قيس قال: جلبت أنا ومخرمة العبدي بزًّا من هجر، فأتينا به مكة، فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي فساوَمنا سراويل فبعناه، وثم رجل يزن بالأجر، فقال له:«زمن وأرجح» رواه الخمسة، وصححه الترمذي. وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول:
«كنت أرحل للنبي صلى الله عليه وسلم رواحله، فقيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: