دار خدمة من معين وبتزويج من معين، وكذا استئجار آدمي لخدمة بتزويج امرأة لمُعين لقصة شعيب وموسى -عليهما السلام-، وحديث:«أن موسى آجر نفسه ثمان سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه» رواه ابن ماجه. لأن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه؛ لقوله تعالى:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ولأن الأصل في الفائت بقاؤه والنسخ خلاف الأصل، ولا يصح استئجار دار بعمارتها للجهالة وإن آجرها بأجرة معينة وما تحتاج إليه بنفقة مستأجر بحسابه من الأجرة، صح؛ لأن الإصلاح على مالك وقد وكله فيه، وإن شرطه خارجًا عن الأجرة لم يصح، وإن دفع عبده إلى نحو خياط ليعلمه بعمل الغلام سنة جاز، ويصح استئجار حلي الذهب أو فضة بأجرة من جنسه للبس أو عارية؛ لأن الأجرة في مقابلة المنفعة، وقيل: لا يصح، وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم.
وأما إذا كانت الأجرة من غير جنسه فيصح قولًا واحدًا، قاله في «الإنصاف»؛ لأنه عين ينتفع بها منفعة مباحة مقصودة مع بقائها فجازت إجارته كالأراضي، ويصح استئجار أجير ومرضعة أم أو غيرها بطعامهما وكسوتهما ولو لم يوصف الطعام والكسوة، وكذا لو استأجرهما بدراهم معلومة وشرط معها طعامهما وكسوتهما؛ لقوله تعالى:{وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
فأوجب لهن النفقة والكسوة على الرضاع، ولم يفرق بين المطلقة وغيرها، بل الزوجة تجب نفقتها وكسوتها بالزوجية وإن لم ترضع، وقال تعالى:{وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} والوارث ليس بزوج، ويستدل للأجير بقصة موسى وأبي هريرة وتقدمتا، وبأنه روي عن أبي بكر وعمر وأبي موسى أنهم استأجروا الأجراء بطعامهم وكسوتهم، ولم يظهر لهم نكير، فقام العرف فيه مقام التسمية كنفقة الزوجة والأجير والمرضعة