للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثله، وإن استأجره لطرح ميتة بجلدها فهو أبلغ في الفساد؛ لأن جلد الميتة نجس لا يجوز بيعه، وقد خرج بموته عن كونه ملكًا وتقدم الكلام على جلد الميتة في باب الآنية، وذكر الخلاف في طهارة جلدها في أول الجزء الأول، ولو استأجر راعيًا لغنم بثلث درها وصوفها وشعرها ونسلها أو نصفه أو جميعه، لم يجز؛ لأن الأجر غير معلوم ولا يصح عوضًا في بيع ولا يدري أيوجد أو لا؟ وأما جواز دفع الدابة لمن يعمل عليها بجزء من ربحها فلأنها عين تنمي بالعمل فأشبه المساقاة والمزارعة؛ وأما هنا فالنماء الحاصل في الغنم لا يقف حصوله على عمل فيها، فلا يلحق بذلك والذي يترجح عندي أنه يجوز كما لو دفع دابته أو عبده بجزء من كسبه. والله أعلم. وإن استأجره لرعيها بجزء معين من عينها صح، ولا يصح استئجار على طحن كُرٍّ كبقفيز منه؛ لحديث الدارقطني مرفوعًا: «أنه نهى عن عسب الفحل، وعن قفيز الطحان» ولأنه جعل له بعض معموله أجرَ عمله فيصير الطحن مستحقًا له، وعليه ولأن الباقي بعد القفيز مطحونًا لا يدري كم هو فتكون المنفعة مجهولة، والقول الثاني - وهو الراجح عندي: جوازه بمقدار معلوم، والجواب عن الحديث كما قال بعض العلماء: بأن مقدار القفيز مجهول أو أنه كان الإستئجار على طحن صبرة بقفيز منها لا يعلم كيلها. والله أعلم. ومن أعطى صانعًا ما يصنعه كثوب ليصبغه أو يخيطه أو يغسله أو حديدًا ليضربه سيفًا ونحوه، ففعل فله أجر مثله، ومثله من استعمل حمالًا وحلاقًا أو دلالًا بلا عقد معه فله أجر مثله على عمله سواء وعده كقوله أعمله وخذ أجرته أو عرَّض له كقوله: اعمَلْ وأنا أعلم أنك لا تعمل بلا أجرة أو أنا أعلم أنك إنما تعمل بأجرة، ولو لم تجر عادة الحمال والدلال والحلاق ونحوه بأخذ الأجرة؛ لأن عمل له بإذن لما لمثله أجرة ولم يتبرع، أشبه ما لو وضع يده على ملك غيره بإذنه، ولا دليل على تمليكه إياه أو إذنه في إتلافه؛ لأن الأصل في قبض

<<  <  ج: ص:  >  >>