للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الناس من الأكراد وغيرهم يحملون على البقر ويركبونها، والذي تطمئن إليه نفسي أنه لا يجوز استئجار البقر للركوب؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بينما رجل يسوق بقرة أراد أن يركبها، فقالت: إني لم أخلق لهذا، إنما خلقت للحرث» متفق عليه. والله أعلم. وفي بعض البلاد يحرث على الإبل والبغال والحمير، ومعنى خلقها للحرث أن معظم الانتفاع بها فيه، وذلك لا يمنع الانتفاع بها في شيء آخر كما أن الخيل خلقت للركوب والزينة، ويباح أكلها واللؤلؤ للحلية ويتداوى به.

ويصح استئجار غنم لدياس زرع معلوم أو أيامًا معلومة، ويصح استئجار بيت معين في دار مدة معلومة بأجر معلوم، ولا يقدح في صحة الإجارة لو أهمل فلم يذكر استطراقه إذ لا يمكن الانتفاع به إلا بالإستطراق، وهذا شيء متعارف، ويصح استئجار آدمي لقَوْد أعمى أو مركوب مدة معلومة؛ لأنه نفع مباح يقصد وكذا ليدل على طريق؛ لحديث عائشة، قالت: «واستأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلًا من بني الدَّيل هاديًا خريتًا، والخريت: الماهر بالهداية، وهو على دين كفار قريش وأمناه، فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث، فأتاهم براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث فارتحلا» رواه البخاري وأحمد، وليلازم غريمًا يستحي ملازمته، ويصح الاستئجار على النسخ كمن استأجر إنسانًا لينسخ له كتب فقه أو حديث وسجلات وكتب توحيد وتفسير ونحو ومعاني وبيان ومذكرات ونحوهما، ويقدر بالمدة أو العمل؛ فإن قدر بالعمل ذكر عدد الأوراق وقدرها وعدد السطور في كل ورقة وقدر الحواشي ودقة القلم وغلظه؛ فإن عرف الخط بالمشاهدة جاز وإن أمكن ضبطه بالصنعة ضبطه، ويجوز تقدير الأجرة بأجزاء الفرع أو بأجزاء الأصل، وإن قاطعه على النسخ للأصل بأجر واحد جاز ويعفي عن خطأ يسير معتاد، وإن أسرف في الغل بحيث يخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>