فلا يجوز أن يلزمه عوض أجر لذلك، وقال أهل القول الأول: دليلنا أن كل عقد صح أن تعقده مع غير الزوج صح أن تعقده معه كالبيع؛ ولأن منافعها في الحضانة والرضاع غير مستحقة للزوج بدليل أنه لا يملك إجبارها عليه، قالوا: وقول أهل القول الثاني: إنها استحقت عوض الحبس والاستمتاع، قلنا: هذا غير الحضانة واستحقاق منفعة من وجه لا يمنع استحقاق منفعة أخرى سواها بعوض آخر، كما لو استأجرها أولًا ثم تزوجها، والقول أن يصح استئجارها أي الزوجة لرضاع ولده من «مفردات الذهب»، قال ناظمها:
زوجٌ على زوجْتِه حيثُ عقَدْ … إجارةً جاز لإرضاع الوَلدْ
والذي تطمئن إليه نفسي القول الثاني الذي اختاره شيخ الإسلام. والله أعلم.
ويصح استئجار ذمي مسلمًا لعمل معلوم في الذمة كقصارة ثوب وخياطته أو إلى أمد كأن يبني به له شهرًا أو نحوه، ولا يصح أن يستأجر ذمي مسلمًا لخدمته لتضمنها حبس المسلم عند الكافر وإذلاله واستخدامه مدة الإجارة أشبه بين المسلم للكافر بخلاف إجارته لغير الخدمة فلا تتضمن إذلاله، قال الله تعالى:{وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}.
والشرط الثاني:
معرفة العين المؤجرة للعاقدين برؤية أو صفة كالبيع لاختلاف الغرض باختلاف العين وصفاتها، والشرط الثالث: قدرة مؤجر على تسليم العين المؤجرة كمبيع؛ لأنها بيع منافع أشبه ببيع الأعيان وتقدم أنه لا تصح إجارة الآبق والشارد ولا مغصوب ممن لا يقدر على أخذه. والشرط الرابع: اشتمال العين على النفع، فلا تصح إجارة بهيمة زمنة لحمْل، والزمانة: مرض يدوم طويلًا، ولا يصح إجارة أرض سبخة لزرع؛ لأنه لا يمكن