للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمكن تسليمه أو استؤجر طبيب لمداواة مريض صحَّ واشترط تقدير التكحيل أو المداواة بما ينضبط به من عمل أو مدة، ولو كان التقدير بمرة واحدة أو مرات متعددة، وقيل: تعتبر صحة التقدير بالمدة فقط، والقول الأول أرجح. والله أعلم.

وشرط بيان عدد ما يكحله كل يوم، فيقول: مرة أو مرتين؛ فإن كان الكحل من العليل جاز؛ لأن آلة العمل تكون من المستأجر كاللبن في البناء، والطين والآجر ونحوها، وإن شرطه على الكحال جاز لجريان العادة به، ويشق على العليل تحصيله وقد يعجز عنه بالكلية، فجاز ذلك، كالصبغ من الصباغ، والحبر والأقلام من الناسخ، واللبن في الرضاع، وإن استأجره مدة فكحله فلم تبرأ عينه؛ فإنه يستحق الأجرة لأنه وفَّى بالعمل الذي وقع عليه العقد، فوجب له الأجر وإن لم يبرأ، كما لو استأجره لبناء حائط يومًا أو لخياطة قميص فلم يتمه فيه، وإن برئ الأرمد في أثناء المدة انفسخت فيما بقي من المدة؛ لأنه قد تعذر العمل أشبه ما لو حجز عنه أمر غالب أو مات في أثنائها انفسخت الإجارة لما مر، ويستحق من الأجرة بالقسط، وإن امتنع مريض من طب مع بقاء مرض في عينه استحق الطبيب الأجرة بمضي المدة، كما لو استأجره للبناء فلم يستعمله فيه؛ ولأن الإجارة عقد لازم، وقد بذل الأجير ما عليه ويصح أن يستأجر من يقلع له ضرسه أو سنه عند الحاجة إلى قلعه؛ فإن أخطأ الأجير فقلع غير ما أمر به من ضرس ضمنه؛ لأنه جناية ولا فرق في ضمانها بين العمد والخطأ إلا في القصاص وعدمه، وتنفسخ الإجارة ببرء قبل قلعه؛ لأن قلعه بعد برئه غير جائز ويقبل قول المريض في برء الضرس؛ لأنه أدرى به، وإن لم يبرأ الضرس وامتنع ربه من قلعه لم يجبر على قلعه؛ لأنه إتلاف جزء من الآدمي محرم في الأصل، وإنما أبيح إذا صار بقاؤه ضررًا وذلك مفوَّضًا إلى كل إنسان في نفسه إذا كان أهلًا لذلك، وصاحب الضرس

<<  <  ج: ص:  >  >>