وفقه وحديث ونيابة في حجة وقضاء بين الناس، فتحرم الإجارة عليه، ولا تصح ولا يقع إلا قربة لفاعله؛ لحديث عثمان بن العاص أن آخر ما عهد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن اتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا». قال الترمذي: حديث حسن، وعن عبادة بن الصامت قال: علَّمْتُ ناسًا من أهل الصفة القرآن والكتابة، فأهدى إلي رجل منهم قوسًا، قال: قلت: قوس وليس بمال، قال: قلت أتقلدها في سبيل الله، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقصصتُ عليه القصة، قال:«إن سرَّكَ أن يُقلدَك الله قوسًا من نار فاقبلْها»، وعن أُبي بن كعب أن علم رجلًا سورة من القرآن، فأهدي له خميصة أو ثوبًا، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:«إنك لو لبستها لألبسك الله مكانها ثوبًا من نار» رواه الأثرم في «سننه»، وعن أبي قال: كنت أختلف إلى رجل مُسِنٍّ قد أصابته علةٌ وقد احتبس في بيته أقرئه القرآن، فكان عند فراغه مما اقرؤه، يقول للجارية: هلمي طعام أخي فنؤتى بطعام لا آكل مثله بالمدينة، فجال في نفسي منه شيء فذكرته للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:«إن كان ذلك الطعام طعامه وطعامُ أهله فكل منه، وإن كان يُتحفك به فلا تأكله»، وعن عبد الرحمن بن شبل الأنصاري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«اقرأوا القرآن، ولا تغلو فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به» قال عبد الله بن شقيق: هذه الرُّغفان التي يأخذها المعلمون من السُّحْت؛ ولأن من شرط صحة هذه الأفعال كونها قربة إلى الله تعالى، فلا يصح أخذ الأجرة عليها، كما لو استأجر إنسانًا يصلي خلفه الجمعة أو التراويح، وقيل: يصح للحاجة، نقل أبو طالب عن احمد أنه قال: التعليم أحب إلي من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين، ومِن أن يتوكل لرجل من عامة الناس في ضيعة ومِن أن يستدين ويتجر لعله لا يقدر على الوفاء فيلقي الله بأمانات الناس، التعليم أحب إلي ممن أجاز ذلك مالك والشافعي، ورخص في أجور المعلمين أبو قلابة وأبو ثور وابن المنذر؛ لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم -