للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المساجد؛ ولأن الحاجة تدعو إلى الاستنابة في الحج عمن وجب عليه، وعجز عن فعله، ولا يكاد يوجد متبرع بذلك فيحتاج إلى بذل الأجرة فيه، واختار هذا القول الشيخ تقي الدين، وقال: لا يصح الاستئجار على القراءة وإهداؤها إلى الميت؛ لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الإذن في ذلك، وقد قال العلماء: إن القارئ إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له، فأي شيء يُهدى إلى الميت وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح والاستئجار على مجرد التلاوة، ولم يقل به أحد من الأئمة وإنما تنازعوا في الإستئجار على التعليم والمستحب أن يأخذ الحاج عن غيره ليحج لا أن يحج ليأخذ فمن أحب إبراء ذمة الميت أو رؤية المشاعر يأخذ ليحج ومثله كل رزق أخذ على عمل صالح ففرق بين من يقصد الدين فقط والدنيا وسيلة أو عكسه والأشبه أن عكسه ليس له في الآخرة من خلاق. قال: وحجه عن غيره ليستفضل ما يوفي دينه الأفضل تركه لم يفعله السلف، ويتوجه فعله للحاجة. قال صاحب «الفروع»: ونصره ونقل ابن هانئ فيمن عليه دين وليس له ما يحج أيحج عن غيره ليقضي دينه؟ قال: نعم، والذي يترجح عندي قول من قال بصحته للحاجة. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ولا يحرم أخذ جعالة على ذلك على القول الأول والثاني؛ لأنها أوسع من الإجارة، ولهذا جازت مع جهالة العمل والمدة ولا يحرم أخذ الأجرة على رقية؛ لحديث أبي سعيد المتقدم وكما لا يحرم أخذ ذلك بلا شرط؛ لحديث عمر بن الخطاب المتقدم في الزكاة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «ما أتاك من هذا المال من غير مسألة ولا إستشراف نفس فخذه ومالًا فلا تتبعه نفسك» متفق عليه. وأما ما لا يختص أن يكون فاعله من أهل القربة كتعليم خط وحساب ونحو ذلك، وبناء مسجد وقناطر وذبح هدي وأضحية وتفريق صدقة، فيجوز الاستئجار له، وأخذ الأجرة عليه؛ لأنه يقع

<<  <  ج: ص:  >  >>