للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماء ثم تسقى به أو تشرب من بئر تقوم بكفايتها أو ما يشرب بعروقه لنداوة الأرض، وقرب الماء الذي تحت الأرض، فهذا كله دائم، ويصح استئجار هذا القسم من الأرض للغراس والزرع، قال في «المغني»: بغير خلاف علمنا وكذلك الذي تشرب من مياه الأمطار وتكتفي بالمعتاد منه؛ لأن حصوله معتاد، والظاهر وجوده. القسم الثاني: أن لا يكون لها ماء دائم، وهي نوعان:

أحدهما: ما يشرب من زيادة معتادة تأتي وقت الحاجة بإذن الله تعالى كأرض مصر الشاربة من زيادة النيل وما يشرب من زيادة الفرات وأشباهه وأرض البصرة الشاربة من المد والجزر وأرض دمشق الشاربة من زيادة بردي وما يشرب من الأودية الجارية من ماء المطر المعتاد، فهذه تصح إجارتها قبل وجود الماء الذي تسقى به؛ لأن حصوله أجرى الله العادة بوجوده؛ ولأن ظن القدرة على التسليم في وقته كاف في صحة العقد كالسلم في الفاكهة إلى أوانها. النوع الثاني: أن يكون مجيء الماء إليها نادرًا أو غير ظاهر كالأرض التي لا يكفيها إلا المطر الشديد الكثير الذي يندر وجوده أو يكون شربها من فيض واد مجيئه نادرًا أو يكون شربها من زيادة غير معتادة، بل نادرة في نهر أو غير غالبة، قاله في «المغني»، من نيل أو غيره فهذه إن أجرها بعد وجود ما يسقيها به صح العقد؛ لأنها مشتملة على النفع المقصود منها، وإن آجرها قبل وجود ما يسقيها للزرع أو الغرس لا يصح العقد؛ لأن الأرض لا تُنِبتُ الزرع أو الغرس بلا ماء وحصوله غير معلوم، ولا مظنون فأشبهت السبخة إذا أوجرت للزرع، وإن اكتراها على أنها لا ماء لها، صح؛ لأنه يتمكن بالانتفاع منها بالنزول فيها، ووضع رحله وجمع الحطب. وقال الشيخ تقي الدين: وما لم يرو من الأرض فلا أجرة له اتفاقًا، وإن قال في الإجارة مقيلًا ومراحًا وأطلق؛ لأنه لا يرد عليه عقد كالبرية، وليس له أن ينبني ولا يغرس فيها؛ لأن ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>