للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه لكونه لا يستحق العوض إلا بالعمل؛ فإن الثوب لو تلف في حرزه لم يكن له أجر فيما عمل فيه بخلاف الخاص وما تولد منه يكون مضمونًا كالعدوان يقطع عضو أو غلط في نسج أو في طبخ أو في خبز، وكذا ملاح سفينة ونحوه ويضمن أيضًا ما تلف بفعله من يده أو خرقه أو ما يعالج به السفينة وسواء كان رب المتاع معه أو لا، وقيل: لا يضمن ما لم يتعد أو يفرط، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لأنه من الأمناء الذين لا يضمنون إلا بالتعدي أو التفريط ويحمل ما ورد عن علي في تضمينهم على التعدي أو التفريط وإلا فليسوا غاصبين حتى يترتب عليهم الضمان، وأيضًا فالضمان مرتب على اليد والتصرف، فإذا كانت اليد يدًا عادية رتب عليها الضمان وإذا كان التصرف ممنوعًا رتب عليه الضمان والأجير يده غير عادية وتصرفه غير ممنوع، بل مأمور به من جهة المؤجر، والله سبحانه وتعالى أعلم.

ويقدم قول رب التالف في صفة عمله إذا اختلفا في صفة العمل بعد تلف المأجور ليغرمه للعامل، فالقول قول ربه؛ لأنه غارم، وقيل: بل يقبل قول الأجير. قال في «الإنصاف»: لئلا يغرم نقصه مجانًا بمجرد قول ربه بخلاف الوكيل، قال في «التلخيص»: القول قول الأجير في أصح الروايتين، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ويضمن حامل ما تلف بزلْقِه أو عثرته أي الحامل من آدمي أو بهيمة وسقوطٍ عن دابة أو تلف يقوده وسوقه وإنقطاع حبله الذي يشد به الحمل سواء حضر ربها أو غاب إذ لا فرق بين أن يكون صاحب العمل حاضرًا عنده أو غائبًا أو كونه مع الملاح أو الجمال أو لا، قال ابن عقيل: ما تلف بجناية الملاح بحذقه أو بجناية المكاري بشده المتاع ونحوه، فهو مضمون عليه؛ لأن وجوب الضمان عليه بجناية يده فلا فرق بين حضور المالك وغيبته كالعدوان؛ لأن جناية الجمال والملاح إذا كان صاحب المتاع راكبًا معه يعم المتاعِ وصاحبه

<<  <  ج: ص:  >  >>