للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منسوبة إلى العارِ؛ لأن طلبها عار وعيب، وينشد:

إنما أنفسنا عارية … والعواري قصارى أن ترد

واعترض عليه بأنه - صلى الله عليه وسلم - فعلها كما سيأتي إن شاء الله، ولو كانت عيبًا ما فعلها وبأن ألف العارية منقلبة عن واو؛ فإنَّ أصلها عورية وأما ألف العار فمنقلبة عن ياء بدليل عيرته بكذا، والعارة مثل العارية.

قال ابن مقبل:

فأخْلِفْ وأتِلفْ إنما المال عَارَةٌ … وكُلْهُ مَعَ الدهرِ الذي هو آكلُهْ

والعارية: العين المأخوذة من مالك أو مالك منفعتها أو مأذونهما للانتفاع بها مطلقًا أو زمنًا معينًا بلا عوض من الآخذ لها أو من غيره والإعارة إباحة نفع العين وهو رفع الحرج عن تناول ما ليس مملوكًا له وليست هبة إذ الهبة تمليك يستفيد به التصرف في الشيء كما يستفيده فيه بعقد المعاوضة.

والإعارة مشروعة بالكتاب والسُّنة والإجماع: أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} وهي من البر، وفسر جمهور المفسرين قوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ} بما يستعيره الجيران بعضهم من بعض كالدلو والفأس والإبرة، وقال ابن عباس وابن مسعود هي العواري؛ وأما السُّنة: فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في خطبته في حجة الوداع: «العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم».

قال الترمذي: حديث حسن غريب، وعن صفوان بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعا رنه يوم حنين أدرعًا، فقال: أغصبًا يا محمد؟ فقال: «بل عارية مضمونة» الحديث رواه أحمد وأبو داود. وعن أنس بن مالك قال: كان فزع المدينة فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا من أبي طلحة يقال له: المندوب، فركبه،

<<  <  ج: ص:  >  >>