للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالبئر، وقال أصحاب الشافعي: وإن حفرها بإذن الإمام لم يضمن، وقال بعض الأصحاب: له حفرها لنفسه بإذن الإمام فعليه لا ضمان؛ لأن للإمام أن يأذن فيما لا ضرر فيه وجوابه بأنه حفر في مكان مشترك بغير إذن أهله لغير مصلحتهم فضمن ولا نسلم أن للإمام الإذن فيه فدل على أنه لا يجوز لوكيل بيت المال وغيره بيع شيء من طريق المسلمين النافذ وأنه ليس للحاكم الحكم بصحته، وقاله الشيخ تقي الدين، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم.

وكذا الدكة؛ لأنه تلف حصل بسبب تعديه ببنائه أو حفره في مكان مشترك بغير إذن أهله لغير مصلحتهم فأشبه ما لو نصب في فنائه سكينًا فتلف بها شيء كحفر أجيره الحر بئرًا في فنائه فيضمن الأجير الحافر ما تلف بها سواء حفرها بأجرة أو لا؛ لأنه هو المتعدي، ومحل ذلك أن علم الأجير الحال بأنها ليست ملك الآذن إذ الأفنية ليست بملك؛ ولهذا قال القاضي: لو باع الأرض بفنائها لم يصح البيع؛ لأن الفناء ليس بملك، بل مرفق وإن جهل الحافر أنها في ملك الغير فالضمان على الآمر لتقريره الحافر، وكذا لو جهل الباني فلو ادعى الآمر علم الحافر والباني وأنكر الحافر والباني فقولهما؛ لأن الأصل عدمه.

ولا يضمن من حفر بئرًا في موات لتملك أو ارتفاق لنفسه أو حفر بئرًا بملكه إذ للإنسان التصرف في ملكه كيف شاء وإن حفر في طريق واسعة لنفع عام لم يضمن؛ لأنه مأذون فيه شرعًا كما لو حفرها ليجمع فيها ماء المطر أو لينبع منها الماء ليشرب المارة فلا يضمن؛ لأنه محسن، قال الله تعالى: {مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} ولو لم يجعل عليها حاجزًا لتعلم به فتتوقى، وفي «الغاية وشرحها».

<<  <  ج: ص:  >  >>