للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتخليصه مما كان بصدده من توقع الخلاص والإستخلاص، فالذي يقتضيه حسن العشرة أن يبيعه لشريكه ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه وتخليص لشريكه من الضرر، فإذا لم يفعل ذلك وباعه لأجنبي سلط الشرع الشريك على صرف ذلك إلى نفسه.

والشفعة في الشرع: إستحقاق انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مالي بثمنه الذي استقر عليه العقد إن كان المتنقل إليه مثل الشفيع في الإسلام والكفر أو دون الشريك بأن كان الشريك مسلمًا، والمنتقل إليه الشقص كافرًا، ولا شفعة في الموروث والموصى به والموهوب بلا عوض ولا المجعول مهرًا أو عوضًا في خلع ونحوه أو صلحًا عن دم عمد ونحوه ولا تسقط الشفعة باحتيال على إسقاطها.

ويحرم الاحتيال على إسقاطها، قال الإمام أحمد: «ولا يجوز شيء من الحيل في إبطالها ولا إبطال حق مسلم له»، واستدل الأصحاب بحديث أبي هريرة: «لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل»، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها، جملوه، ثم باعوه وأكلوا ثمنه» متفق عليه، ولأن الله تعالى ذم المخادعين قوله: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}، وقال عبد الله بن عمر: من يخدع الله يخدعه.

واتفق السلف على أن الحيل بدعة محدثة لا يجوز تقليد من يفتي بها، ويجب نقض حكمه ومن احتال على تحليل ما حرم الله وإسقاط ما فرض الله، وتعطيل ما شرعه الله كان ساعيًا في دين الله بالفساد.

وقال الشيخ - رحمه الله -: وما وجد من التصرفات لأجل الاحتيال على إسقاط الشفعة فهو باطل؛ لأن الشفعة شرعت لدفع الضرر فلو شرع التحيل لإبطالها؛ لكان عودًا على إبطال مقصود الشريعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>