فعلوا ذلك مسخهم الله إلى صورة القردة، وهي أشبه شيء بالأناسي في الشكل الظاهر، وليست بإنسان حقيقة فكذلك أعمال هؤلاء وحيلتهم لما كانت مشابهة للحق في الظاهر ومخالفة له في الباطن كان جزاؤهم من جنس عملهم.
وقال تعالى:{فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} قيل به أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ليتعظوا بذلك فيجتنبوا فعل المعتدين، ولأن الحيلة خديعة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحل الخديعة لمسلم» ولأن الشفعة وضعت لدفع الضرر فلو سقطت التحيل للحق الضرر فلم تسقط كما لو أسقطها المشتري عنه بالوقف والبيع وفارق ما لم يقصد به التحيل؛ لأنه لا خداع فيه ولا قصد به إبطال حق والأعمال بالنيات.
وشروط الشفعة خمسة: أحدها: كون شقص منتقل عن الشريك مبيعًا أو صلحًا عن إقرار بمال، وهو أن يقر له بدين أو عين فيصالحه عن ذلك بالشقص؛ لأنه بمعنى البيع أو يكون الشقص مصالحًا به عن جناية موجبة للمال كقتل وشبه العمد وأرش الجائفة ونحوها أو كونه هبة مشروطًا فيها الثواب فإنها بمعنى البيع؛ لأن الشفيع يأخذ بمثل الثمن الذي انتقل به إلى المشتري ولا يمكن هذا في غير البيع وألحق بالبيع المذكورات بعده؛ لأنها بيع في الحقيقة، لكن بألفاظ أخر.
ولا شفعة فيما انتقل عن ملك الشريك بغير عوض كقسمة؛ لأنها إفراز وتراض؛ لأنها لو ثبتت أحدهما على الآخر لثبت ماله عليه فلا فائدة وهبة بغير عوض وموصى به ومورث ونحوه كدخوله في ملكه بطلاق قبل الدخول بأن أصدقت امرأة أرضًا وباعت نصفها ثم طلقها الزوج قبل الدخول فإنه يرجع إليه النصف الباقي في ملكها ولا شفعة للمشتري من المرأة عليه ولا شفعة أيضًا فيما عوضه غير مال كصداق