للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوارث الذي لم يبع وبين شريك مورثه على قدر ملكيهما؛ لأنهما شريكان حال ثبوت الشفعة فكانت بينهما كما لو تملكاها بسبب واحد؛ لأنها تثبت لدفع ضرر الشريك الداخل على شركائه بسبب شركته وهو موجود في حق الكل.

ولا شفعة لكافر حال بيع على مسلم سواء أسلم بعد البيع أو لم يسلم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا شفعة لنصراني» رواه الدارقطني في كتاب «العلل» بإسناده عن أنس - رضي الله عنه -، ولأنه معنى يختص العقار فأشبه الإستعلاء في البنيان يحققه أن الشفعة إنما تثبت للمسلم دفعًا للضرر عن ملكه فقد دفع ضرر المشتري ولا يلزم تقديم دفع ضرر المسلم على المسلم تقديم ضرر الذمي، فإن حق المسلم أرجح ورعايته أولى، ولأن ثبوت الشفعة في محل الإجتماع على خلاف الأصل رعاية لحق الشريك المسلم وليس الذمي في معنى المسلم فيبقى فيه على مقتضى الأصل.

وقال ابن القيم - رحمه الله - في «البدائع»: فائدة حقوق المالك وحقوق الملك شيء، فحقوق المالك تجب لمن له على أخيه حق، وحقوق الملك تتبع الملك ولا يراعى بها المالك وعلى هذه حق الشفعة للذمي على المسلم من أوجبه جعله من حقوق الأملاك ومن أسقطه جعله من حقوق المالكين، والنظر الثاني أظهر وأصح؛ لأن الشارع لم يجعل للذمي حقًا في الطريق المشترك عند المزاحمة، فقال: «إذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه» فكيف يجعل له حقًا في انتزاع الملك المختص عند التزاحم، وهذه حجة الإمام أحمد نفسه.

وأما حديث: «لا شفعة لنصراني» فاحتج به بعض أصحابه وهو أعلم من أن يحتج به، فإنه من كلام بعض التابعين. اهـ.

وتثبت الشفعة للمسلم على الذمي؛ لعموم الأدلة، ولأنها إذا أثبتت على

<<  <  ج: ص:  >  >>