للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقصده به التخلص من الهلاك فالحفظ فيه لمالكه وكأخذه مالاً مغصوبًا من الغاصب تخليصًا له ليرده لمالكه فتلف قبل التمكن من رده لم يضمنه؛ لأنه محسن.

ولو وجد إنسان حيوانًا حرم إلتقاطه لامتناعه من صغار السباع ووجده بمضيعة وهي الفلاة من الأرض البعيدة من العمران وعلم الواجد مالك الحيوان فأخذه ليحفظه لربه وتلف لا يضمنه؛ لأنه محسن صانع معروفًا، والله جل وعلا يقول: {مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} فغير لائق أن يعامل بضده.

وما أودع أو أعير لنحو صغير أو معتوه أو مجنون أو قن صغير لم يضمن المعار أو المودع بتلف في يد قابضه ولو حصل التلف من القابض أو حصل بتفريطه؛ لأن المالك سلطهم على الإتلاف بالدفع إليه.

ويضمن المودع والمعار العبد المكلف وهو البالغ الرشيد ومثله المدبر والمعلق عتقه بصفة وأم ولد في رقبته إذا أتلفه؛ لأنه مكلف فصح إستحفاظه وبه يحصل الفرق بينه وبين الصبي وكونه في رقبته؛ لأن إتلافه من جناية.

وقيل: إن إتلاف السفيه موجب للضمان كالرشيد وإلحاقه بالرشيد أقرب، وهذا القول هو الذي يترجح عندي، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وإذا مات إنسان وثبت أن عنده وديعة أو مضاربة أو رهنًا ونحوها من الأمانات ولم يوجد تلك ونحوها بعينها في تركته فهي دين عليه تغرمها الورثة من تركته؛ لأنه لم يتحقق براءاته منها كبقية الديون، فإن كان عليه دين سواهما فهما سواء.

والمودع أمين؛ لأن الله سبحانه وتعالى سماها أمانة بقوله:

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فيصدق المودع

<<  <  ج: ص:  >  >>