للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشرب؛ لأن الحافر لم يخص بها نفسه ولا غيره ويكون في المسجد كأحدهم؛ لأنه لم يخص نفسه ولا غيره.

ومع الضيق والتزاحم يسقي آدمي أولاً لحرمته ثم حيوان؛ لأنه له حرمة ثم زرع بعدهما.

وإن حفر البئر في موات ليرتفق الحافر بمائها كحفر السفارة في بعض المنازل بئرًا ليرتفقوا بمائها وكحفر المنتجعين كالأعراب والتركمان ينتجعون أرضًا فيحفرون لشربهم ودوابهم لم يملكوها؛ لأنهم جازمون بانتقالهم عنها وتركها لمن نزل منزلتهم بخلاف الحافر للتملك والحافرون لها أحق بمائها مدة إقامتهم عليها ولا يملكونها.

وعلى الحافرين لها بذل الفاضل عنهم من مائها لشارب دون زارع للخبر السابق وبعد رحيلهم عن البئر يكون ماؤها سابلة للمسلمين؛ لأنه ليس أحد ممن لم يحفرها أحق من الآخر، فإن عادوا إليها كانوا أحق بها من غيرهم؛ لأنهم هم الذين حفروها ولم يحفروها إلا لأنفسهم ومن عادتهم الرحيل والرجوع فلم تزل أحقيتهم بذلك.

وإن حفر إنسان بئرًا في موات تملكًا فهي ملك لحافر كما لو حفرها بملكه الحي ولكل أحد أن يسقي من الماء الجاري لشربه وطهارته وغسل ثيابه وانتفاعه به في أشباه ذلك مما لا يؤثر فيه من غير إذن ربه إذا لم يدخل إليه في مكان محوط عليه ولا يحل لصاحبه المنع من ذلك؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان بفضل ماء بالطريق فمنعه ابن سبيل» رواه البخاري، فأما ما يؤثر فيه كسقي الماشية الكثيرة، فإن فضل الماء عن حاجة صاحبه لزمه بذله لذلك وإلا فلا وتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>