للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «الصحاح»: حريم البئر وغيرها ما حولها من مرافقها وحقوقها وحريم النهر ملقى طينه والممشى على حافتيه ونحو ذلك، وقال أبو حنيفة: إن كانت لسقي الإبل فحريمها أربعون ذراعًا وإن كان للناضح فستون وإن كانت عينًا فثلاثمائة، وفي رواية خمسمائة، وقال مالك والشافعي: ليس لذلك حد والمرجع العرف، والقول الذي تميل إليه النفس والله أعلم قول من يقول: أنه من كل جانب خمسون ذراعًا، والحريم في غير القديمة خمسة وعشرون ذراعًا من كل جانب لما روى أبو عبيد في الأموال عن سعيد بن المسيب، قال في السُّنة في حريم القلب العادي خمسون ٥٠ ذراعًا، والبدي خمسة وعشرون ٢٥ وروى الخلاف والدارقطني ونحوه مرفوعًا.

ومن كانت له بئر فيها فحفر آخر قريبًا منها بئرًا يتسرب إليها ماء البئر الأول فليس له ذلك سواء كان محتفر الثانية في ملكه كرجلين متجاورين في دار حفر أحدهما في داره بئرًا أعمق منها فيسري إليها ماء الأولى أو كانتا في موات فسبق أحدهما فحفر بئرًا قريبًا منها تجتذب ماء الأولى؛ لأنه ليس له أن يبتدي ملكه على وجه يضر بجاره.

وعلامة تسرب الماء إلى المحدثة الثانية وضع بانزين أو قاز في الأولى، فإن ظهر في الثانية تبين أنها هي التي تسحب ماء الأولى.

وقيل: ليس عليه شيء وله أن يحفر ولو ذهب ماء البئر الأولى وتحول إلى الثانية؛ لأنه غير متعد وهو حافر في ملكه الذي له التصرف فيه والماء تحت الأرض لا يملك، فلا مخاصمة ولا منع كمن بنى حفيزًا قرب حفيز آخر نحو ذلك فكسد الأول فإنه لا شيء عليه، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم.

وهكذا في كل ما يحدثه الجار مما يضر بجاره فليس له أن يبتديه

<<  <  ج: ص:  >  >>