والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لحديث:«من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به، وهم أسبق منه» والله سبحانه وتعالى أعلم.
وإن حفر نهر صغير وسيق ماؤه من نهر كبير ملك الحافر الماء الداخل فيه، والنهر بين جماعة اشتركوا في حفره على حسب عمل ونفقة؛ لأنه ملك بالعمارة وإن لم يكفهم وتراضوا على قسمته بالمهايات بساعات أو أيام جاز فيه؛ لأن الحق لا يعدوهم.
وإن لم يتراضوا على قسمته وتشاحوا قسمه حاكم على قدر ملكهم بأن يقسم لكل واحد من الماء بقدر ما يملك من النهر فتؤخذ خشبة صلبة أو حجر مستوي الطرفين والوسط فيوضع على موضع مستو من الأرض في مصدم الماء فيه حزوز أو ثقوب متساوية في السعة على قدر حقوقهم.
فلو كان لأحدهم نصف، ولآخر ثلث، ولآخر سدس، جعل فيه ستة ثقوب لرب النصف ثلاثة، ولرب الثلث إثنان، ولرب السدس واحد يصب ماء كل واحد في ساقيته فيتصرف كل واحد بما في ساقيته فيما أحب لانفراده بملكه.
وإن كان النهر مشتركًا بين جماعة فليس لأحدهم أن يتصرف فيه بما أحب من فتح ساقية إلى جانب النهر ليأخذ حقه منها ولا أن ينصب على حافتي النهر رحى تدور بالماء ولا غير ذلك من نحو ما تقدم؛ لأن حريم النهر مشترك فلم يملك التصرف فيه قبل قسمة.
فإن أراد أحد الشركاء أن يأخذ من النهر قبل قسمه شيئًا فيسقي به أرضًا في أول النهر أو غيره لم يجز؛ لأن الأخذ منه ربما احتاج إلى تصرف في أول حافة النهر المملوك لغيره بلا إذن شركائه كسائر الحقوق المشتركة، لكن لكل إنسان أن يأخذ من ماء جار مملوك أو غيره لشرب ووضوء وغُسل وغَسل