للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحارثي: وهذا أقوى على أصل من يرى أن العقد لا يتوقف على اللفظ؛ لأن فيها نفعًا لمن سرقت ثيابه بحصول عوض عنها ونفعًا للآخر إن كان سارقًا بالتخفيف عنه من الإثم وحفظًا لهذه الثياب عن الضياع، فلو كانت الثياب المتروكة أكثر قيمة من المأخوذة كان كانت المتروكة تساوي مائة ريالاً والمأخوذة تساوي ثمانين ريالاً أخذ الثمانين؛ لأنها قيمة ثيابه والزائد عما يستحقه عشرون لم يرض صاحبها بتركها عما أخذه فيتصدق بالباقي الذي هو العشرون إن أحب أو يدفعها إلى الحاكم ليبرأ من عهدتها.

وصوب في «الإنصاف»: وجوب التعريف إلا مع قرينة تقتضي السرقة بأن تكون ثيابه أو مداسه خيرًا من المتروكة وهي مما لا تشتبه على الآخذ ثيابه ومداسه؛ لأن التعريف إنما جعل في المال الضائع عن ربه ليعلم به ويأخذه وتارك هذه عالم بها راض ببدلها عوضًا عما أخذ ولا يعرف أنه له فلا يحصل من تعريفه فائدة، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

واللقطة ثلاثة أقسام: أحدها: ما لا تتبعه همة أوساط الناس ولا يهتمون في طلبه كسوط وهو ما يضرب به فوق القضيب ودون العصي يجمع على سياط، ومنه الحديث: «سياط كأذناب البقر»، قال المنخل يصف موردًا:

كان مزاحف الحيات فيه … قبيل الصبح آثار السياط

ومما لا تتبعه همة أوساط الناس شسع النعل أحد سيور النعل الذي يدخل بين الأصبعين، وفي الحديث: «إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمشي في نعل واحدة».

ومما لا تتبعه همة أوساط الناس الرغيف، ويقال له: خبزة وككسرة وتمرة وموزة قلبن ومثل ذلك قلم ناشف وقلم رصاص وفنجال شاهي أو مرمن التي يعتادها الناس الثمينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>