للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له اختيارًا فأشبه المنبوذ رغبة عنه، وقيل: إن ما ألقي في البحر خوفًا من الغرق لا يملكه آخذه، والذي تميل إليه النفس القول الأول، وهو أنه باق على ملك أهله ولآخذه الأجرة، وهذا هو الأحوط، والله سبحانه وتعالى أعلم.

القسم الثاني: الضوال جمع ضالة اسم للحيوان خاصة دون سائر اللقطة، ويقال لها: الهوامي والهوافي والهوامل وامتناعها إما لكبر جثتها كإبل وخيل وبقر وبغال وإما لسرعة عدوها كضباء وأما بطيرانها وأما بنابها كفهد معلم أو قابل للتعليم وإلا فليس بمال كما يعلم مما تقدم في البيع، وكفيل وزرافة ونعامة وقرد وهر وقن كبير.

فهذا قسم غير القن الآبق يحرم التقاطه لما ورد عن زيد بن خالد الجهني، قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لقطة الذهب والورق، قال: «أعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فأدها إليه»، وسأله عن الإبل، فقال: «ما لك ولها دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها»، وسأله عن الشاة، فقال: «خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب» متفق عليه.

وعن منذر بن جرير قال: كنت مع أبي جرير بالبواريح في السواد فراحت البقر، فرأى بقرة أنكرها، فقال: ما هذه البقرة؟ قالوا: بقرة لحقت بالبقر فأمر بها فطردت حتى توارت، ثم قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يأوي الضالة إلا ضال» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

ولمالك في «الموطأ» عن ابن شهاب قال: كانت ضوال الإبل في زمن عمر بن الخطاب إبلاً مؤبلة تتناتج لا يمسكها أحد حتى إذا كان عثمان أمر بمعرفتها ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها، وروي عن عمر: من أخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>