ولو كان القصد حفظها في نفسها لما جاز التقاط الأثمان، فإن الدينار دينار حيثما كان ولا يملكها بالتعريف؛ لأن الشرع لم يرد بذلك فيها.
ولا يملكها آخذها بتعريف لما تقدم من أن يحفظها لربها فهو كالوديع وأحجار طواحين وقدور ضخمة وأخشاب كبيرة وأقلام مياه كبيرة ومكائن وأصياخ وكسيارة ودباب وصناديق ضخمة ودواليب كبيرة وأبواب ونحو ذلك كإبل فلا يجوز إلتقاطها؛ لأنها لا تكاد تضيع عن صاحبها ولا تبرح من مكانها فهي أولى بعدم التعرض من الضوال بالجملة للتلف إما بسبع أو جوع أو عطش ونحوه بخلاف هذه.
وما حرم التقاطه ضمنه آخذه إن تلف أو نقص كغاصب ولو كان الإمام أو نائبه وآخذه على سبيل الحفظ؛ لأن التقاط ذلك غير مأذون فيه من الشارع.
وإن تبع شيء من الضوال المذكور دوابه فطرده فلا ضمان عليه أو دخل شيء منها داره فأخرجه فلا ضمان عليه حيث لم يأخذه ولم تثبت يده عليه وإن التقط كلبًا فلا ضمان فيه؛ لأنه ليس بمال.
ومن التقط ما لا يجوز إلتقاطه وكتمه عن ربه ثبت بينه أو إقرار فتلف فعليه قيمته مرتين؛ لحديث:«في الضالة المكتومة غرامتها ومثلها معها» قال أبو بكر في التنبيه: وهذا حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يُراد سواء كان الملتقط إمامًا أو غيره.
ويزول ضمان ما حرم التقاطه ممن أخذه بدفعه للإمام أو نائبه؛ لأن للإمام نظرًا في ضوال الناس، فيقوم مقام المالك أو يرد المأخوذ من ذلك إلى مكانه الذي أخذه منه بأمر الإمام أو نائبه؛ لما روى الأثرم عن القضبي عن مالك، عن عمر أنه قال لرجل وجد بعيرًا: أرسله حيث وجدته؛ لأن أمره بردّه كأخذه منه.