للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الأحوط، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وليس خوف الملتقط من سلطان جائر أن يأخذها منه عذر في ترك تعريفها، فإن أخر التعريف لذلك الخوف لم يملكها إلا بعد التعريف فمتى وجد أمنًا عرفها حولاً وملكها فيؤخذ منها أن تأخير التعريف للعذر لا يؤثر.

وكذا إذا ترك تعريفها في الحول الأول لعذر كمرض أو حبس ثم زال عذر نحو مرض وحبس ونسيان فعرفها بعد، فإنه يملكها بتعريفها حولاً بعد زوال العذر؛ لأنه لم يؤخر التعريف عن وقت إمكانه فأشبه ما لو عرفها في الحول الأول.

ومن وجد لقطة وعرفها حولاً فلم تعرف فيه وهي مما يجوز التقاطه دخلت في ملكه؛ لقوله - عليه الصلاة السلام - في حديث زيد بن خالد: «فإن لم تعرف فاستنفقها»، وفي لفظ: «وإلا فهي كسبيل مالك»، وفي لفظ: «ثم كلها»، وفي لفظ: «فانتفع بها»، وفي لفظ: «فشأنك بها» وتدخل في ملك الملتقط حكمًا كالميراث ملكًا مراعًا يزول بمجيء صاحبها.

ولو كانت اللقطة عرضًا أو حيوانًا فتملك كالأثمان؛ لعموم الأحاديث التي في اللقطة جميعها، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن اللقطة، فقال: «عرفها سنة» ثم قال في آخره: «فانتفع بها أو فشأنك بها»، وقيل: لا يملك إلا الأثمان، قال ناظم «المفردات»:

ملتقط الأثمان مذ عرفها … حولاً فقهرًا ذا الغنى يملكها

والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وأما لقطة الحرم، فقيل: إنها كغيرها تملك بالتعريف حكمًا؛ لأنه أحد الحرمين فأشبه حرم المدينة، ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها بالحل والحرم كالوديعة وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وعائشة وابن المسيب، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>