ولا يجوز له أن يملك نفسه من نفسه، كما لا يجوز له أن يبيع ماله من نفسه ونقل حنبل وأبو طالب ما سمعت بهذا ولا أعرف الوقف إلا ما أخرجه لله تعالى، وبهذا قال مالك والشافعي.
وقيل: يصح الوقف على النفس وهو رواية عن الإمام أحمد، وبه قال أبو حنيفة واختاره جماعة منهم ابن أبي موسى والشيخ تقي الدين، وصححه ابن عقيل والحارثي وأبو المعالي في «النهاية» و «الخلاصة» و «التصحيح» و «إدراك الغاية»، ومال إليه في «التلخيص»، وجزم به في «المنور» و «منتخب الآدمي»، وقدمه في «النهاية»، و «المستوعب» و «الهادي»، و «الفائق»، والمجد في «مسودته على الهداية»، وعليه العمل في زمننا وقبله عند حكامنا من أزمنة متطاولة، وهو أظهر، وفي «الإنصاف»، وهو الصواب وفيه مصلحة عظيمة وترغيب في فعل الخير وهو من محاسن المذهب، وفي «الفروع» ومتى حكم به حاكم حيث يجوز له الحكم، فظاهر كلامهم ينفذ حكمه ظاهرًا وإن كان فيه في الباطن خلافه.
وهذا هو القول الذي تميل إليه النفس يؤيده ما ورد عن عثمان - رضي الله عنه - أنه وقف بئر رومة، وقال: دلوي فيها كدلاء المسلمين، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وعلى القول الأول ينصرف في الحال إلى من بعد فمن وقف على نفسه ثم أولاده أو الفقراء صرف في الحال إلى أولاده أو الفقراء؛ لأن وجود من لا يصح الوقف عليه كعدمه فكأنه وقفه على من بعده إبتداء، فإن لم يذكر غير نفسه فملكه بحاله ويورث عنه.
ويصح وقف قنه على خدمة الكعبة صانها الله تعالى.
قال في «الإختيارات»: وينبغي أن يشترط في الواقف ممن يمكن من تلك